جلس بجانبها وشعر بخوفها فهي تخاف الأماكن المرتفعه المظلمة قليلا ” بالرغم من ايمانها بأن المرء يخاف من كل شئ يحبه خشيه ألا يفقده والخوف ينبع من الأحساس بالخسارة ” لم يرغب أن يقحم نفسه عليها وهي في قمة لحظات خوفها .. اكتفى النظر .. وقبل اقلاع الطائرة أراد أن يبدأ الحديث ليبدد خوفها شيئا فشيئا لكنها لم تمنحه هذه الفرصه ولم تعره اهتماما البته .. فقد تناولت بعض الحبوب لتهدئه روعتها وما كانت سوى دقائق أغمضت عيناها حتى خلدت للنوم ..
وهو ؛ اكتفى بالنظر وفك رموز لحديث لم يبدأ .. حدق بها جيدا وبملامحها وهي مستغرقه في نومها ساعات واستيقضت على اهتزاز الطائرة المفاجئ فأخذت تصرخ دون أن تلتفت لردة فعلها لا أريد أن أموت .. ابتسم لها وقال ؛ هل الموت يستأذنك أو يتوقف أمام رغباتك سيدتي ؟

تفأجات هي بسؤاله ؛ وأجابت لا ولكنني أخاف فقط ! واستمر حديثهما لساعات عن الحياة والموت ونسيت خوفها أمام أفكاره ورؤيته .
وقال؛ الحياة أن تحيا بجانب من تحب أن تشعر بوجوده في أدق تفاصيلك أن يشربك كماء كحياة .. الحياة أن تستشعر الوجود بأبهى معانيه .. الحياة ألا يخذلك الخوف ويتحكم بأيامك وكينونتك كأنسان لأن ما بداخلك من ايمان بالحياة أكبر من تسليمك لحقيقة واحدة بأن كل شئ مكتوب منذ نطفتك ولن يحدث شئ غيره .. فأطمئني
أما الموت المرادف للحياة حقيقة خالدة لا جدال حولها لكن نظرتنا هي التي تحدد كيف نحيا لا يعنى أن نستسلم لفكرته المطلقة .. فأطمئني
نظرت إليه بإندهاش وأثار حديثه فضولها
وسألته ؛ أذن أنت سعيد ؟

صمت لحظات وأسترسل ؛ أيضًا السعادة تتعلق بنا كيف نراها وكيف نقرر أن نتعامل معها ليست واقفه عند بابنا كل يوم بإنتظارنا وليست وصفة سحريه تغيرنا من حال الى أخر هكذا مثل فرقعه الأصابع ،، نحن من نقرر متى ذلك لطالما تغيرنا من أعماقنا ولا نستسلم للعجز وأننا لسنا سعداء ..أتعلمين يا سيدتي ماهي قوانين الوجود !
بتنهيدة كبيرة قالت ؛ وأين نجدها أمام خسارات متكررة وخذلان ووجع الزمن ؟

نظر وابتسم وأيقن مع ملامحها البريئة أنها رقيقه للحزن رفيقه له وأن بصوتها ألم من شئ ما ..؛ وأيقن أنها خذلت بقلبها …! نطقت عيناها قبل أن تنطق حروفها ” لا تعبث مع محطم مع ألم جروحه لن يأبه إن استل سكين كلماته ليقاتلك حتى يخدش كبريائك ” أجابها ؛ الخسارات والخذلان ليست ضد السعادة بل مصدرها لأننا ندرك حينها أنهم لم يكونوا بحياتنا كما يجب فلا حزن عليهم ولا ألم لرحيلهم ..
سيدتي ؛ أذن هو لم يحبك كما ينبغى أن يجب ( وترك لها حرية سرد الحكاية ) الحب حصانة لقلوبنا ما أن يتغلل من نحبه بها توصد أبوابها وكأنها تصبح منطقه مغلقة لا يدخلها وجه أخر أو يستنشق هواها نفس أخر سوى من نحب ..
سيدتي ؛ منذ ساعات كان الخوف يسكنك وترفضين فكره أنك ستموتين هذا يعني أن لديك أملاً بالحياة ولا زال لديك أملاً بالحب .. لكِ نوقد مئات الشموع التى شارفت على الإنطفاء ..
صمتت قليلا وفتحت نافذة الطائرة التى كانت أغلقتها بداية الرحلة كجزء من خوفها ..! مضى هو .. ومضت هي .. ولا يزال بينهما حديث لم يكتمل فصل واحد لرواية كان يمكنها أن تبدأ من جديد .. لكنه لم يعد يشعر بالخوف وهي لا يزال بقلبها مشاعر خوف .

وحملت حقائبها ومضت بسلام وهمست لنفسها ؛ شكرا لذاك السؤال فأنت تدرك جيدا أن الأجابة عليه تحتاج أن تبحث عن ذاتك في مكان أخر ولا تجيب ..