منذ فترة ليست بالقصيرة أصبح النقد الغير بناء ظاهرة يستحق الوقوف عليها فالنقد ليس هدفه تقويم الاعوجاج أو تصحيح الأخطاء أو محاولة قراءة النص وإعادة تقديمه بطريقة عصرية، بل الهدف إسقاط الشخصية واظهارها بمظهرِ بشع لينفر منها من بقي متمسكاً بما قدمته تلك الشخصيات من معرفة ومادة علمية وفكرية.

هناك شخصيتين من أكثر الشخصيات تعرضاً للنقد والإسقاطات فشخصية الإمام البخاري وابن تيمية الشخصيتان اللتانِ أيقظت مضاجع بعض الباحثين عن الشهرة ومن صدق أطروحاتهم، الأمام البخاري قدم للأمة علم لولاه ما كان فصحيحه المسمى بصحيح البخاري أشهر كتب أهل السنة وأصحها فقد جمع فيه أقوال ومواقف نبي الأمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بذل فيه جهد بدني ونفسي ومعرفي قل أن يقوم به شخصُ في زمانه والأزمنه المتعاقبة.

أهل الحديث أو بالأصح أهل الصنعة هم الأعلم بشروط العلم ومناهجه البحثية وليس كمن يقرأ قراءة ليست فاحصة، الجرح والتعديل وعلم اللغة وتحري الدقة جميعها وضعها البخاري نصب عينيه فأخرج مؤلفه الذي أصبح متصدراً كل مكتبة عامة أو خاصة، أيضاً شخصية ابن تيمية الذي عايش همجية المغول وأخرج للأمة مؤلفات وآراء مناسبة لزمانه وللأزمنة المتعاقبة يتعرض للهجوم فهو عند المهاجمين أمام المتعصبين وزعيمهم الذي لن يموت فكرة الا بإحراق كتبه ومحاكمة من يقرأها؟

العقل العربي أو بالأصح العقل المُسلم عقلُ لا ينقد بطريقةِ سليمة علمية ومنهجية يتبع عاطفته خصوصاً إذا تعرضت تلك العاطفة لعوامل خارجية مؤثرة، ما قدمه الإمام البخاري والإمام ابن تيمية كعلم وتراث لن ينتهي لأنه علم والعلم يبقى والنقد ظاهرة صحية إذا قام بذلك من يمتلك القدرة والكفاية، لن يبلغ مكانة ابن تيمية والبخاري من ينتقد لأجل اتباع موضة النقد فنقد البخاري وابن تيمية بات موضة لمن يهوى التحدث كثيراً، لن يبلغ مكانة البخاري وابن تيمية أحد وهذه حقيقة حتى وإن استعان بعفاريت سُليمان، الأمم الحية هي التي تُحافظ على تراثها وتاريخها وتتمسك به ولا تقبل أن يُمس ذلك التاريخ وذلك التراث بأي شكلِ من الأشكال، يكفينا هرطقات فكرية فميدان.

النقد العلمي مفتوحةُ أبوابه لمن يمتلك الشجاعة والقدرة العلمية على النقد البناء والذي نفتقده كثيراً ..