من صيف 2019م أخترت وجهة سفري إلى اليونان أثينا لزيارة معالمها الأثرية والحضارية وأماكنها السياحية وشواطئها الجميلة وجزرها العديدة وريفهاالخلاب.

أثناء تجوالي بالمواقع السياحية الغنية عن التعريف (وأكادوا أجزم من النادر أن يوجد لها مثيلا بالعالم بأنها أم الحضارات الأوروبية والتي أستمدت من رحمها النور الحضاري (Greece)… !!!) وأثناء تنقلي في اليونان حرصت كل الحرص بأن لا تفوتني جزيرة ميكونوس عجيبة العجائب وجزيرة سنتريني وفيرا جزيرة المشاهير والأثرياء !!، حجزت رحلتي أنا وصديق العمر على ظهر (cruse blue star) من ميناء اثينا وقد أبحرت بنا الباخرة فجراً في صيف أغسطس2019/8/17 ،وعامت بنا في عرض البحر وكانت الرحلة خياليه من نوع ثاني على متن تلك الباخرة العملاقة والمزدحمة بالمصطافين من جنسيات العالم وكانت الرحلة مقررة من ميناء أثينا إلى أكثر من جزيرة ومن ضمنها سنتريني، وقد رست بنا في تمام الساعة الرابعة عصراً في ميناء سنتريني .

وكانت الجزيرة مكتظة بالمصطافين وأثناء أقامتنا بها كنت أحرص كل يوم للذهاب أنا وصديقي لارتقاء قمة جبل منتجع فيرا الجميل لمشاهدة غروب الشمس المنعكس من ثنايا الجبال على سطح البحر العجيب ،ومنظر غروب الشمس كان منظرًا ربانيًا رائعًا يُظهر السحر والجمال والألوان المتناسقة المتغيرة النقية البديعة في مظهرها الذي يخطف الأبصار، وينتهي الغروب مشكلا خطوط كالشفق الأحمر تُزين السماء كلوحةٍ رُسمت على يد فنانٍ مُبدع فسبحان الله الذي خلق فأبدع فأدهش!!!، وكنا من ضُمن العشرات الزوار اللذين يوثقون صورهم .

وهنا يردد صديقي المغامر مقولته ( أفلاطونية السّحري والجمال يافيرا) مثيرةً وتسر الناظرين بطبيعتها !! وليلها يحلو به السمر!! .

وفي هذه اللحظات أشتدت الرياح غربية الأتجاه في ذلك المساء بارده والسماء ملبدة بالغيوم كعادتها موشكة لهطول أمطار مصحوبة برياح تكادُ تعصف بملابسنا الخفيفة الصيفية بينما تتمايل أشجار الزيتون وعناقيد العنب المثقلة بثمارها من شدة الرياح.

وأشجار الصنوبر والسرو الباسقات على وقع (حفيفها) أوصريرها، الذي يملأ الحياة عبقاً ورونقاً!! وفي تلك اللحظة كان البحر على وشك الهيجان مثيراً للعواطف الدفينه….!! ، وعند خط الافق وتلاقي السماء الزرقاء مع الشمس عند غروبها ينعكس قوس قزح متخللا السحاب وبعد حين يلتحف السحاب خجلاً بالسواد على سطح البحر!! ليلتحم بمياهه الجميلة وكأنما تتعانق بالأموج العاتية وبالقرب من الشواطئ الحالمة تصتدم بالمراكب العملاقة واليخوت العجيبة.

بعدها يبدأ السحاب من الأفق بتسلق السماء حيث تسمع زمجرة الرعد وتوهج البرق لتشتعل كبد السماء ويسمع صدى دويه والذي تتلاقفه الجبال وامواج البحر من ثم تتشكل الغيوم لتنهمر الأمطار ،في هذه اللحظة يبدو وكأنما فصل هذا الكرنفال البيئي قد أسدل ستاره وأعلن نهاية هذه المسرحية الكونية البديعة!!.

وبعد ذلك تتلاشى أقدام الزوار بالهروب بعيداً عن الشواطي والأحتماء في الكافيهات ومطاعمها الفخمة القريبة والمطلة على تلك الجزيرة الحالمة لتعلن بعدها مولد يوم حالم جديد، بعد ذلك همس صديقي في أذني بأنَّ الأشياء تبدو له وكأنَّها قد غدت سيان عنده.

وفي الوقت نفسة أخذنا ركن من ضمن الجمع الغفير الذين قدموا من كل حدب وصوب حيث جمعتنا هذه الجزيرة الكريمة !! وهنا تحول مسار الحديث بشكل رومنسي لنصغي بآلسمع المرهف إلى معزوفة سميفونية هادئة لبيتهوفن على الة اللبيانو ضوء القمر وهناك في الطرف الأخر !! كنا نراقب جلوس البرجوازية والأتيكيت. وهمس صديقي الحبيب في أذنى ليقول حدثني عن شعورك عن هذه اللحظة حسياً ! صبراً تريث ياصديقي قليلاً!! لحين أن أرتشف مجموعة من الرشفات من قهوتي الساخنه (أسبرسو) المسائية ، وبعدها وجهت الحديث اليه قائلا: بأنني لست من تلاميذ سقراط ولا أفلاطون!!

ولا من هواة الفلسفة ياسيدي ،ولكن سقراط و أفلاطون من الأغريق، اللذين يعتبرون أحدا مؤسسي الفلسفة الغربية، وهم من أوائل الفلاسفة الحقيقيين الذين ينَّظرونا إلى الوجود لنا مرة في هيئة الرياح ومره يظهرون لنا بشكال ظواهر الكونوتية ، الماهيات بلغة الفلاسفة وحان الوقت لأن نرتقي مع سقراط إلى أفق الوجود!!.

وعندها علمت لما كان أرسطو يعطي دروسه عند سفح جبل الأولمب وكان يلقي دروسه مع تلامذته وهم يمشون في ساحة المدرسة وكانوا يطلقون عليهم المشّائين.

وكذالك قصة سيدنا (يونس بن متّى) عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام عندما خرج مغاضباً لقومه واجتهد في الخروج للدعوة وركب السفينة
ما أراه أن الحوت ألقاه على شواطيء بحر أيجا اليونان ومنه أخذت تلك البلاد إسمها على إسم النبي (يونا إبن مَتّاي) بالأرامي يونس ابن متّى وسُمّيت اليونان على إسمه ثم انبت الله تبارك وتعالى عليه شجرة اليقطين وبقي حتى شفي ثم رجع إلى (نينوى) والذي سميته من بعد (الموصل).

وقد خرج زميلي عن الموضوع مشيراً إلى الأمواج و الغيوم الجاثمة على كواهل تلك الجبال الراسيات وكنها صحوة حلمٌ من أسعد الحظاة ياجميلتي ….فيرا،،،