رباط روحي وتجانس فكري وشيء مبهم ، يجعلك تتغاضى عن العيوب ، هذه هي (الصداقة).. يلتزم بها الصديق تجاه صديقة وكأن بينهما صلة الدم وكأنه ُالأم والأب والأخ.

لذا نبه رسولنا الكريم على اختيار الصديق في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قولهِ صل الله عليه وسلم:(الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح .. لتختار الصديق الذي يألفه العقل قبل القلب ؛ فهو من تجده في الحزن قبل الفرح وفي العسر قبل اليسر.

وهذا ما قيل في الأثر:(أسعد الناس من خالط كرام الناس )..

و لتبتعد عن -ضيّق الفكر والعصبي- فهو لا يرى أبعد من حدود أنفهِ ؛ فيوماً أنت الثريا بنظرهِ و يوماً أنت الثرى لاقيمة لك عنده ُ..

وأعطِ ظهرك -للبخيل الأناني- الذي لايقتصر بخله ُعلى ماله ولكن يبخل بمشاعره ِولطفه عليك ؛ فلن يعطيك مشورة ولا سداد رأي ، وإن وجدك في طر يق الخطأ ؛ لن يُكلف نفسه ُبقطع طريقك وتحويلك لجادة الصواب ، ولن تجني منه ُ إلآ الجفاف..

قال تعالى في سورة الزخرف:(الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوً إلّا المتقين) »الآية«٦٧ ..

و لتبتعد عن -مثير المشاكل الفوضوي الشقي- ؛ فهو لن يكِف عن وضعك في مسالك وعقبات المحن والمصائب ..

كما جاء في الأثر:(خير الأصحاب من قل شقاؤه ُوكثر وفاقه ُ)..

و لتتجنب -الثرثار كثير العتب- على الشاردة والواردة ، فهو يطبق على روحك بثقله ..

و يستحضرني هنا أبيات للشاعر بشار بن برد:إذا كنت في كل الأمور مُعاتبا ً صديقك ، لم تلقَ الذي تعاتبه..

بينما -النمام والكاذب والمنافق- ففر منهم فرارك من الأسد..

ولا تسأل كيف أميزهم ..؟

فهم بارزون كالشرر المتطاير ، من أول موقف معهم..

وكما أن -الجاهل- يجعلك تدور حول نفسك بجهلهِ..

تجد -المتزن الواعي الناضج- كالمنبه يدق جرس تفكيرك ؛ لترتقي معه ُبالحديث و يثري فكرك..

كُن مع -لطيف المعشر- المرح ؛ يزيد صدرك رحابة وروحك بهجة..

كن مع -المحب- لك ؛ ليغمرك بدفئهِ واهتمامه..

في نهاية هذا الحديث ستسألني ، كيف لي أن أجمع كل الصفات الجميلة و اُقولبها في صديقٍ واحدٍ..؟!

إليك الجواب ، لن تجدها بوفرة في شخصٍ بعينهِ ، ولكن تخيّر الصديق الذي يمتلك نصفها على الأقل وتغاضى عن البقية..

أو تخيّر مجموعة من الأصدقاء بهم الشمائل الحميدة ، وتعايشها معهم ولكن بحدود وحذر..

وقد قيل في الأثر : احذر عدوك مرة ، وأحذر صديقك ألف مرة ؛ فلربما أنقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة..