أكدت المدير الإقليمي للشرق الأوسط بمنظمة السياحة العالمية الأستاذة بسمة بنت عبدالعزيز الميمان، خلال مشاركتها في الدورة الخامسة والعشرين للجمعية العامة للمنظمة والمقامة حاليًا في مدينة سمرقند بجمهورية أوزبكستان، أن المنظمة تدعم مساعي الدول لاستعادة معدلاتها السياحية السابقة أي قبل جائحة كورونا، من خلال السير على خطط الانتعاش والتعافي بعد الأزمة ونهج استراتيجيات تسويقية وحملات إلكترونية ومبادرات ترويجية لجذب أكبر عدد من سياح الداخل والخارج، موكدةً انه يتم التشجيع على السياحة الداخلية والسياحة البينية والتي يمكن أن تكون “طوق نجاة” لإنقاذ قطاع السياحة.

وأضافت الميمان في لقاءها ، أنه ووفقا للإصدار الثاني للتقرير العالمي لمنظمة السياحة العالمية حول المرأة في السياحة، فإن %54 من العاملين في السياحة هم من النساء، في حين أن حصة النساء من العاملين في الاقتصاد عموما لا تتعدى 3996. لذلك، يجب أن نركّز بشكل أكبر على دعم رائدات الأعمال.

وفيما اللقاء بشكل موسع :

*حدثينا عن هذا الحدث، المقام حاليًا في أوزبكستان، وماهي أبرز القرارات التي تمت فيه؟

انطلقت فعاليات الدورة الخامسة والعشرين للجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية، والتي تنعقد في سمرقند حاليا من 16-20 أكتوبر الجاري بحضور مندوبين ووزراء رفيعي المستوى من أكثر من 150 دولة، ومن أبرز القرارات حتى الآن تعيين مصر لمنصب المراجع الخارجي للحسابات للفترة 2024-2025.

* الاحداث المتتالية في العالم ما بين جائحة وحروب وكذلك كوارث؟ كيف تعمل المنظمة على تجاوز تلك الأحداث لتعود السياحة كما كانت؟
تمثل صناعة السياحة إحدى أشدّ الصناعات تضرراً بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في الدول العربية. فمنذ اندلاع هذه الجائحة، ألحق تراجع السياحة العالمية بالفعل خسائر فادحة بالاقتصادات الوطنية، وبسبل عيش الناس، وبجهودنا جميعا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف دول العالم. وقد كان من المتوقع أن يشهد قطاع السياحة في عدة دول رواجا ً كبيراً بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية التي كانت مفروضة بسبب وباء كورونا، غير أن بدء الأزمة الأوكرانية، تسبب في استمرار الأزمة مع توقعات بتغيير خُطط صُناع السياحة لإنعاش السياحة الدولية.

ولتعافي قطاع السياحة والسفر في الإقليم وفى دول العالم اجمع كان من الضروري التحلي بروح الابتكار والتعاون، والتخطيط لبناء مستقبل أفضل – من حيث المشاركة على مستويات الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الآخرين – والاستعداد لتغيير نماذج الأعمال وهياكل الحوكمة لتلبية الطلب الجديد والمختلف وتعميم الإجراءات بشكل واضح لإعادة بناء ثقة المستثمرين والمستهلكين على المدى القصير، وتعزيز الاستدامة والقدرة على الصمود. وكانت هذه الإجراءات من شأنها إنعاش قطاع السياحة الاقليمي والدولي، وخلق فرص عمل، ودفع نواتج عملية التنمية التي تعطي الأولوية للناس ومجتمعاتهم المحلية.

ونحن في منظمة السياحة العالمية ندعم مساعي الدول لاستعادة معدلاتها السياحية السابقة، وسيراً على خطط الانتعاش والتعافي بعد الأزمة ونهج استراتيجيات تسويقية وحملات إلكترونية ومبادرات ترويجية لجذب أكبر عدد من سياح الداخل والخارج، من أجل تنشيط القطاع والترويج للمقصد، فإننا أيضا نشجع على السياحة الداخلية والسياحة البينية والتي يمكن أن تكون “طوق نجاة” لإنقاذ قطاع السياحة الذي قد يتأثر بفعل الأزمات والأحداث المتلاحقة. كما أننا نعمل بصفة دائمة على توفير المعلومات والإرشادات للدول الأعضاء بشأن اتخاذ إجراءات في سبيل دعم وانعاش السياحة.

ووعيا مننا بأن هناك تحديات عديدة أمام قطاع السياحة في منطقة اقليم الشرق الأوسط، وبصفتنا شركاء فاعلين، أود أن أؤكد أننا في منظمة السياحة العالمية نتطلع إلى مواصلة العمل مع الدول الأعضاء ومع أصحاب المصلحة في القطاع الخاص والأكاديمي والمنظمات الإقليمية من أجل تقديم المساعدة الفنية اللازمة لمواجهة التحديات الماثلة أمام قطاع السياحة حتى يستعيد دوره الحيوي في التنمية الاقتصادية والبشرية في الإقليم وذلك من خلال وضع وتنفيذ استراتيجيات لإدارة الأزمات تتناول قدرة المقاصد على الصمود في وجه الأزمات؛ تحسين قدرة المقاصد على الصمود وتقليص الآثار السلبية وتعزيز القدرة على تحقيق الانتعاش السريع عقب الأحداث السلبية؛ وضع وتنفيذ خطط واستراتيجيات للتواصل أثناء الأزمات عملاً بالتوصيات الواردة في مجموعة أدوات منظمة السياحة العالمية للتواصل أثناء الأزمات؛ ضمان ان تتصف إرشادات السفر الصادرة عن السلطات المختصة في الدول المصدِّرة للسيّاح بالدقة والتحديث والموضوعية، تلافياً لأي تداعياتٍ سلبية على المقاصد؛ الاستثمار في استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الحديثة والاستفادة منها، بغرض ضمان نشر معلومات دقيقة وفعالة في الوقت المناسب؛ بلورة برامج لبناء القدرات وبرامج تدريبية إقليمية تتناسب والاحتياجات الخاصة للبلدان والمقاصد السياحية في الوطن العربي.

* أين وصلت المرأة السعودية في مجال السياحة؟

المرأة السعودية هي عنصر هام من عناصر قوة المملكة، وتركز استراتيجية 2030 على الاستمرار في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا بتوفير العوامل التي تساعد على تمكينها، من إرادة سياسية، وإمكانات اقتصادية، ووعي مجتمعي بأهمية دور المرأة في التنمية.

وفي إطار ريادة الأعمال لا زالت المرأة السعودية تحقق الكثير من التميز والنجاح، وهو ما تؤكده لائحة فوربس الشرق الأوسط التي صدرت العام الماضي، والتي ضمت 4 سعوديات في مراتب مهمة ضمن أقوى سيدات الأعمال بالمنطقة، واللاتي حققن النجاح والانجازات من خلال عملهن في مجالات مهنية مختلفة، وكان لي الشرف أن أكون واحدة منهن. على مدار عدة سنوات.

وفي مجال السياحة والضيافة ارتفع عدد النساء السعوديات في الفنادق بشكل رئيسي، حيث أصبحن يتولين مناصب مختلفة، كما برزت العديد من السعوديات في مجال الإرشاد السياحي، وحققن تميزا ملحوظا فيه، كما خاض عدد من السعوديات أيضا مجال العمل السياحي من خلال بعض المشاريع الخاصة في مناطق متفرقة من المملكة، واستطعن تحقيق التميز من خلالها.

ويُعد تمكين المرأة من المكوّنات الأساسية للمجتمعات العادلة والمنصفة. ولقد أثبتت السياحة قدرتها على توفير المجالات للتمكين، وأظهرت أنه ينبغي تعزيز فرصة السياحة لإحداث فرق في هذا المضمار وفقا للإصدار الثاني للتقرير العالمي لمنظمة السياحة العالمية حول المرأة في السياحة، فإن %54 من العاملين في السياحة هم من النساء، في حين أن حصة النساء من العاملين في الاقتصاد عموما لا تتعدى 3996.

لذلك، يجب أن نركّز بشكل أكبر على دعم رائدات الأعمال. ينبغي لقادة العالم اتخاذ خطوات عاجلة وحاسمة للاستثمار في السياسات التي تؤمن المزيد من فرص العمل للنساء وتوفّر لهن وظائف أفضل كما تعزّز المساواة في الأجر عن الأعمال المتساوية القيمة. تتزايد ريادة الأعمال في صفوف الإناث حول العالم وقد أثبتت قدرتها على دفع عجلة النمو الاقتصادي والحد من الفقر. فالاستثمار في رائدات الأعمال هو استثمار في التغيير لأنهن قادرات على تحقيق الكثير من الأمور البالغة الأهمية الابتكار والقدرة التنافسية والقيم الجديدة.

فيما يخص السعودية، نشاهد هناك حراك كبير في قطاع السياحة، كيف ترى المنظمة هذه التوجهات وماذا تقدم من دعم لوجيستي في هذا الجانب؟ وحيث أن السعودية ضاعفت الاستثمار في قطاع السياحة بنسبة 80% عن العام الماضي؟
لقد رأينا جميعا تحول السياحة السعودية في التسويق من جهة موسمية واحدة ممثلة في موسم الحج ووجهات الإجازات الصيفية، إلى وجهات متعددة، عبر صناعة مستدامة مدعومة بالأنظمة والمشاريع الاستثمارية، وتجلّى ذلك في المواسم والبرامج صيفاً وشتاء، والتسويق لمختلف الوجهات المستهدفة بشكل احترافي مخطط بإتقان. ولعلنا جميعا، خبراء السياحة أو أشخاصا عاديين ندرك حجم التغيّر الكبير في مراحل تطوّر تسويق السياحة السعودية في السنوات القليلة الماضية.

وكما تعلمون فإن تطوير القطاع السياحي يعتبر أهم ركائز تحقيق رؤية المملكة 2030، للإسهام في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات، وزيادة مصادر الدخل، وتوفير فرصة عمل للمواطنين. وتضم منظومة السياحة كلا من وزارة السياحة، وصندوق التنمية السياحي، والهيئة السعودية للسياحة، التي تتكامل أدوارها لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسياحة، وتحقيق طموحات ومستهدفات القطاع.

كما أن فتح أبوابها للسياح من مختلف دول العالم لأغراض غير دينية من خلال “التأشيرة السياحية السعودية” ساهم كثيرا في زيادة عدد السياح وبالتالي زيادة الايرادات السياحية السنوية. وبهذا تكون السعودية قد تمكنت من تحقيق قفزة كبيرة في التصنيف العالمي لأكثر الوجهات السياحية جذبا للزوار.

وشهدت المملكة في الآونة الأخيرة العديد من الفعاليّات العالمية التي عملت على تنشيط الحراك السياحي، ووضعتها في بؤرة الاهتمام العالمي بشكل ملحوظ، مما أسهم في دفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي عبر حزمة من الفعاليّات والأنشطة المتنوعة في المملكة، محققة العديد من المكتسبات والأرقام والمؤشرات المتميزة، حيث تقدم «روح السعودية» الهوية الرسمية للسياحة في السعودية، كما أن «تقويم الفعاليّات والمواسم» يشير إلى حجم فرص العمل والاستثمار الناجمة عن الحراك السياحي في جميع أنحاء المملكة، والتي تتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

لقد جعلت المملكة من إنشاء استراتيجية جديدة للاستثمار السياحي، تقوم على المرونة والاستدامة لصالح المجتمعات السياحية في جميع أنحاء العالم، إحدى أولوياتها الرئيسة. علماً بأن المملكة عضو نشط في منظمة السياحة العالمية، ويوجد بها المكتب الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط الذي ساعد في إرساء الرياض كمركز عالمي للابتكار السياحي ولتعزيز السياحة من أجل التنمية الريفية. وللإشارة فإن هذا مكتب الرياض هو أول مكتب إقليمي للمنظمة.

ومما لا شك فيه هو أن المكتب الإقليمي للشرق الأوسط في الرياض سيكون قاعدة يمكن من خلالها توجيه تنمية السياحة في جميع بلدان المنطقة، إذ سيعمل على تلبية الاحتياجات المحددة لهيئات السياحة الوطنية والسلطات المحلية ومؤسسات السياحة في الإقليم، وعلى عقد ندوات ومؤتمرات حول المواضيع التي تهم قطاع السياحة، بما في ذلك دورات عن تنمية الموارد البشرية السياحية والإحصاء السياحي. ويساهم بنشاط في نشر وترويج منتجات الدوائر التشغيلية وجمع أي معلومات مفيدة للدول الأعضاء، خصوصا، وليس حصرا، بناء على طلب من الدوائر التشغيلية.

الأكاديمية العالمية للسياحة تم تأسيسها في الرياض، هل لنا تعرف أعمالها ومستهدفاتها؟ وماهو دور المنظمة العالمية للسياحة بها؟
من أولى مبادرات المكتب الإقليمي هو تطوير أكاديمية سياحة دولية مكرسة لدعم طموحات الجيل الجديد لقادة السياحة. وفي هذا الصدد، تم توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة السياحة في المملكة ومنظمة السياحة العالمية لتنمية القدرات البشرية عن طريق التعليم الإلكتروني، وإنشاء أول أكاديمية سياحية في الرياض مخصصة لمنطقة الشرق الأوسط، والتي تطمح أن تكون أكبر بيئة تعليمية متعددة الثقافات في العالم، ومركزا عالميا رائدا للتميز، يعيد تعريف السياحة والتعليم الفندقي. وكخطوة أولى تهدف إلى تفعيل وتطوير الأكاديمية، وقعت كل من وزارة السياحة السعودية ومنظمة السياحة العالمية اتفاقية لاستخدام أكاديمية السياحة عبر الإنترنت التابعة لمنظمة السياحة العالمية، كمنصة لإنشاء ونشر البرامج التدريبية في الإقليم.