قرأت مؤخرا عما قامت به دولة شقيقة مجاورة إلى تطبيق فكرة “المتسوق الخفي” لتقييم أداء الموظفين في المؤسسات حيث يقوم الشخص الملقب ب “المتسوق الخفي” إدعائه إلى حاجته للمساعدة أو تقديم معاملة معينة ومعاينة الإجراءات التي تُتخذ ثم تزويد المسؤلين بتقارير عن الجودة أو التقصير في أداء الموظف أو الموظفين في مختلف المؤسسات ! من ناحيتهم يدل هذا على جدّية الحكومة بالتطوير والمباشرة في العمليات الإصلاحية ومتابعة التقصير والمقصرين وضمان استمرارية الأعمال .. وعلى الضفة الأخرى دولة إسلامية هدفها ضمان وظيفة مدى الحياة حتى لو كان موظفًا متقاعسا أو غير كفوء وهذا معتقد ربما رسخه كثره التغييب بالسنوات .

وفي وزارتنا يهدف نظام الانضباط الوظيفي إلى حماية الوظيفة العامة وضمان سير العمل بإنتظام ومرونة وحُسن أداء الموظف لعمله يسري على جميع الموظفين عدا من يعملون وفقًا لأنظمة ينظم فيها الجزاء بقواعد خاصة فيعاملون وفق تلك القواعد وفي حدود أحكامها وربط الانضباط بالسلوك بإعتبار السلوك الوظيفي أمرًا هامًا لنجاح المنظمة وتحقيق أهدافها إذ يؤثر سلوك الموظفين على العمل الجماعي والتفاعل بين الأفراد ومستوى الأداء العام وأيضًا سمعة المنظمة وقدرتها على جذب الموظفين الموهوبين وشرحت في مقالات سابقة عن الإنفلات الوظيفي وتأرجحه بين القيمة والنوعية والهدف ومثلث الارتكاز !! ومسلسل 12 ساندريلا !! وربطت ذلك بين الرضا الوظيفي وجودة الحياة الوظيفية وتأثيره على تطوير الأداء بشكل عام .

إلا أنه استوقفني ما قامت به إحدى الشركات الى صرف مكافاة للزوجة لمساهمتها في توفير الجو الملائم لاتقان زوجها الموظف في الشركة عينها عند تقديم المشروع بإحترافية عالية في وقت قياسي وانعكاس أثره على نجاح منظومة الشركة وخلق بيئة داعمة مرتبطة لصنع الأفكار والمقترحات النافذة إيمانًا منهم بأن الموظف حجز الزاوية ومحور الارتكاز .. كم هو جميل شعور التقدير والثناء وتحفيز الذات واستشعار الموظف العامل بأهمية دوره وتفانيه لم يذهب سدى .. غير أن هذه الصورة تكاد تختلف كليًا وبشكل جذري في سياسة إدارية هرمية قائمة على الرتب وفلسفة المدير !! للأسف وللاسف تحولهم إلى حلبة نزاع على السلطة لا ينتهي كُلا يمارس عنفه على من يُعدّ في منزلة وظيفية أقل أو يُشكل خطرا ويزرع في دائرة من المشاحنات تكثر فيها الدسائس والمشاعر السلبية ناهيك عن الضغط النفسي والتعب الجسدي حيث يستنفذ الموظف كامل طاقته في المحافظة على تحمل الأعباء المحيطة به بدلًا من الانطلاق في تفكير مبدع يسهم في تطور العمل حيث لا ترى في الموظف الا رقما يُستبدل بكبسة زر ويُستعاض عنه “بأحسن منه ” إذ تقاعس بطريقة تقديرهم له وافتقارهم الى أساسيات جودة الحياة الوظيفية وكأنهم آلات غير قابلة للعطب .

ولذلك أعود الى القول أن المعيار الأول من أجل إنشاء بيئة عمل محفزة ومنجزه وداعمة معيار الرضا الوظيفي ليس بالتدريب والتطوير فقط إنما بالحوافز والأجور والترقيات المنصفة والثقافة التنظيمية الفعالة وقيم العمل وتوازن الموظف بين عمله وحياته الخاصة وحُسن إدارة التنافر العاطفي وأدبيات السلوك التنظيمي ويحقق مبدأ الفرق بين العدل والمساواة .

لطالما أن العمل مستمر والتغيير والتجديد متلاحق فلا بد من أن نعطي مساحات واسعة لتحسين جوده الحياة الوظيفية بمشتقاتها وتوابعها للعاملين فيها ومعها … ومن خلال تجربتي كرئيس مباشر وجدت إن الكلمة أكثر انتشارا عبر سؤال الموظف عن حاله ” الموضوعية مُكلفة جدًا فهي لا ترضي الجميع “.

سؤال للطرح ؛ هل إبتسامة الموظف من ضمن مهامه ؟