“من جوكر بلاط السوشيال ميديا إلى …”

على مر العصور كان للمُثقفين الأثر الكبير في التأثير على المجتمع فلفترة ليست بالبعيدة كان المؤثرين من الصحافيين والأكاديميين وخبراء التسويق، والمُحللين السياسيين، والفلاسفة، والنقاد، والشعراء، وعِلِية القوم من الكُتاب المُثقفين الأثر الكبير في تغيير النُظم والنسق الإجتماعي، وقيادة الفكر الجمعي.

حيث يُعرف الشخص المؤثر بالشخص الذي “تؤثر أفعاله وآرائه بشدة على مسار الأحداث”.

ففي العصر اليوناني كان للعديد من الفلاسفة المهمين كمؤثرين خلال القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، ومن بين أوائل الفلاسفة اليونانيين كان هناك من يسمون بـ “فلاسفة الميليسية”.

وفي عصر ما قبل الإسلام كان للشعراء الدور الكبير في التأثيرعلى المُجتمع، وبعصر الإسلام كان لخطباء المنابر، وعلماء الدين الأثر الكبير في قيادة تغيير النسق الإجتماعي.

حتى قاد العُلماء والمُخترعين، والمُفكرين، والفلاسفة، والشعراء، وحتى المغنيين بالعصر الأندلسي مقود التأثير والتغيير حتى عصرنا هذا.

ومع ظهور الإنترنت وعالم السوشيال ميديا تغير مفهوم “المؤثر” فقد أصبح الشخص المؤثر الذي يتبعه عدة ملايين، وبحد أدنى 10 آلاف متابع على وسائل التواصل الاجتماعي، يثقون في تقييمهم لسلع أو خدمات في مجال معين بحيث تستعين بهم الشركات لتسويق منتجاتها مقابل مدفوعات أو هدايا تقدمها لهم.

فقد ظهرت فئات بلا مهن محددة ولكنهم استطاعوا جمع أعداد غفيرة من المتابعين تجذبهم قراءة ما يكتبه هؤلاء في مدوناتهم أو الفيديوهات التي يضعونها على مواقعهم المتابعين لهم.

سؤال؟؟

س1: هل سُحب بساط التأثير من المثقفين ونُقل إلى مشاهير السوشيال ميديا؟

س2: هل أصبح المُجتمع يهتم ويتأثر بمشاهير السوشيال ميديا، ويخضع للتغيير في نسقه بغض النظر عن هوية المؤثر والخلفية العلمية والثقافية له؟

لطالما كنت أنظر إلى بعض من مشاهير السوشيال ميديا بنظرة سلبية، فقد أطلقت عليهم لقب “جوكر بلاط السوشيال ميديا” بعام 2016م.

كان لسعادة أ.د عبدالله الغذامي رأي آخر في ذلك في مكالمة هاتفية مدتها 9:26 كفيلة بتغيير نظرتي لبعض من مشاهير السوشيال ميديا، وأثرهم في النسق الإجتماعي.

فقد شكر أ.د الغذامي كل مشهور بالسوشيال ميديا يأتي بتغيير إيجابي حتى وإن كان في غير تخصصه، وبغض النظر عن خلفيته الثقافية سواء كان شخص بدوي بسيط، أو شيخ قبيلة، أو إنسان بسيط غير متعلم طالما كان ذلك التأثير في كسر لـ “التابو المفروض إجتماعيًا”

فقد طرحت عليه أن أصبح لبعض من مشاهير السوشيال ميديا أثر في تغيير النسق الإجتماعي أكثر من المُثقفين

وطرحت عليه سؤال: لماذا قد ينهال بعض من أفراد مجتمعنا بشن حرب على المثقفين لو تقلدوا راية التغيير بينما يتقبلوا التغيير من بعض من مشاهير السوشيال الميديا؟

فأجاب سعادته بإختصار “كثر الله خيرهم، وليتهم دومًا يساعدوننا على كسر التابو”

وأكمل ” المهم هو كسر التابو، ومن كسره يجب أن نقدر له ذلك، بغض النظر عن حاله وصفته”

فعرضت عليه سؤال آخر

هل سُحب بساط التأثير من المثقفين وأنتقل إلى بعض من مشاهير السوشيال ميديا؟

فأجاب قائلًا:

ماذا قدم بعض من المثقفين سوى الحرب بين بعضهم البعض، ورفع القضايا، ونشر الكراهية والأحقاد؟

وأكمل قائلًا:

أنا لست ضد التغيير الإيجابي من أي كائن كان طالما يكسر “التابو المفروض إجتماعيًا”، طالما كان التغيير لا يمس الدين الإسلامي الحنيف، ولا يمس أخلاقيات المُجتمع أو قيمه.

عندما أقدم الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي بالظهور مع زوجته على التلفاز في ديسمبرمن عام 2014م ويُشكر على ذلك فقد كسر التابو الإجتماعي وفتح المجال للآخرين في (لا ضير من ظهور الزوج مع زوجته)، وليس في ذلك أي مصدر جالب للعار طالما كان الظهور لا ينافي الدين، والقيم، والأخلاقيات.

فقد أحدث ظهوره ذلك على تغيير النسق الإجتماعي، وتقبل المُجتمع لظهور الزوجة مع زوجها.

الفكرة من التغيير والتأثير إن كان تغيير إيجابي ليس النظر إلى ماهية الشخص نفسه!

إنما الإهتمام بما صنعه من تغيير إيجابي، وماذا قدم للمُجتمع من تأثير؟

فالتغيير والتأثير الإيجابي قد يأتي من شيخ دين، من خطيب على المنبر، من شاب مؤثر، من مشهور على السوشيال ميديا.

اليوم لا نهتم بخلفية ومرجعية الإنسان بقدر ما نهتم ما هو التغيير والتأثير الإيجابي الذي قُدم للمُجتمع.

اليوم المُجتمع أكثر تقبل للتغير والتأثر والتأثير فيه من “شخص تقليدي بسيط” أكثر من “شخص مُثقف بغيض” في نظرهم.

رأيي الشخصي

سواء نتفق أو نختلف مع مشاهير السوشيال ميديا لا نُنكر تأثيرهم في المُجتمع سواء كان ذلك التأثير إيجابي أم سلبي!

الهدف من التأثير أن يقود مُجتمعنا نحو الأفضل.