خطرت لي هذه الخاطرة بعد مشاهدتي لصورة لرجل يقف على حافة هاوية، وقد بدأ الفجر في البزوغ، فخفض رأسه لينظر موضع قدمه؛ إذ كان يسير بلا نور، فرأى نفسه على تلك الحال. فتأملت في حالنا في هذه الحياة فوجدت كثير منا  يسير في هذه الحياة على غير هدى، ولا بصيرة، وذلك باعتبارين:

الأول: هو الاعتبار الديني؛ إذ يأخذ من دينه ما يناسب مقاسه من الأحكام والتشريعات، بل وبحسب تغير مزاجه وهواه، من عام إلى عام؛ إن لم يكن من يوم إلى يوم؛ فبعد عن الثبات لينخرط في بوتقة النسبية.

والثاني: هو الاعتبار المادي الحياتي؛ إذ يسعى في حياته بحسب ما استحب من السعي، ويغفل عن أمرين مهمين هما: الاستخارة والاستشارة؛ فالأولى تسليم للخالق بالتوكل والرضا، والثانية تقدير وسطي بين الحكم الموضوعي لعقول مختلفة موثوقة؛ فكرا، وصدقا، وحبا؛ ليس لهم غاية، إلا الدين النصيحة.

والخطأ الجامع لكلا الاعتبارين هو: التقدير المطلق للذات، والتسليم الكامل للعقل النابع عن الهوى-غالبا-فيسير بلا مرشد سوى ذاته، وبلا قيد سواها؛ والتفاوت بين الناس في هذا وذاك شاسع؛ سعة خطوات (البراق) الذي ركبه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.

والحق أن من غفل عن الاستخارة؛ أعرض عن الاستشارة، ومن أعرض عن الاستشارة، لم يجد إلا الخسارة.

إضاءة.. البصيرة مطلب أمر الله تعالى به في الدعوة إليه؛ وتتضمن العلم، وحسن اختيار الأسلوب والوسيلة؛ فما هو دون ذلك أولى؛ فإياكم والغفلة.