أعلم أنكم تسألون الان عن الطالب مصطفى بعد نهاية هذا الفصل الدراسي ، هل سيجتاز هذا الفصل وينجح وهو لا يفقه العربية..؟!

وأعلم مدى انشغالكم بوضعه السيئ ، ولكن إليكم البشارات ، بعد محادثات مُكثفة بين المعلمات وأسرة مصطفى تم الاتفاق على تكثيف العمل من قبل المعلمات بتعليمه بشكل فردي نهاية اليوم الدراسي مع جهود الأسرة التي جلبت لابنها معلم تخاطب ؛ كي يتقن اللغة العربية على أصولها ، ولولا هذه الاجراءات ما خرج مصطفى من المأزق الذي كان به.

تابعته فردياً في رسم الحروف ونطقها من خلال أوراق العمل المُكثفة وكنت أجمع مابين التشجيع بإطلاق (زغروطة) مجلجلة في أركان المدرسة ، يجتمع عليها كل من يسمعها داخل حرم المدرسة مُتسائلاً عن سببها ؛ لأرفع يد مصطفى اليُمنى للأعلى وأقول لهم باركوا لمصطفى فهو يتحدث العربية باتقان ، لتنهال عليه التبريكات من الكل ، و ليكتمل التحفيز أُخرج من حقيبتي خمسةً من الريالات ؛ كي ينطلق لمقصف المدرسة ويشترى ما يُريد..

أستمر هذا الحال لمدة أسبوعين كحملة مُكثفة لتقييم مصطفى ، في جميع المواد الدراسية ، بينما الفرحة العظمى كانت من قبل معلمة الدراسات الإسلامية عندما قرأ لها مصطفى سور القرآن الكريم -النصر و المسد والاخلاص والفلق والناس- وهى تُشجع فرحةً به وأنا كالمعتاد أطلق تلك ( الزغروطه) التي تهُز المكان ، ينطلق بعدها نحوي رافعاً يده لأضع بها الخمسة الريالات ، يتقافز بعدها منطلقاً للمقصف المدرسي..

وزميلة لي تهيبُ بي أن كل مافي حقيبتي من أموال وحلوى ذهبت لمصطفى ، تذكرت وقتها أبيات قالها الشاعر أبو فراس الحمداني ، الذي ذكره الثعالبي في كتابه (يتيمة الدهر):

أنفق من الصبر الجميل فإنّهُ .. لم يخشْ فقراً مُنفقٌ من صبرهِ
والمرء ليس ببالغٍ في أرضه .. كالصقرِ ليس بصائدٍ في وكرهِ