الكل منا يسعى للسعادة والاستمتاع بحياته والبحث عن أسبابها ؛ فأمّا من سعى لسعادته بسيارة جديدة أو بفلة جديدة أو رحلة جديدة أو أي مصدر من مصادر البهجة والمتعة فسرعان ما تذهب بعد أن يتعود عليها ويستعملها مدة من الزمن إلا سعادة المتقين فسعادتهم عند الله مستمرة لا تنقطع وحياتهم في الدنيا حياة طيبة كما قال عز وجل : ” وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ” عطاء غير مجذوذة يعني غير منقطع ؛ هذه السعادة الدائمة لن نحصل عليها إلا بالتقوى فالله سبحانه وتعالى إنما يتقبل من المتقين .

وقد اقترب منا شهر رمضان العظيم المبارك ..أمرنا الله بصيامه لعلنا نتقيه ؛ولنسير في طريق التقوى ليغفر الله لنا ما تقدم من ذنوبنا يجب علينا أن نتوب توبة نصوحا من كبائر الذنوب ونجدّد التوبة قبل رمضان وفي رمضان وبعد رمضان ليكفر الله عنا سيئاتنا قال عز وجل ” إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا “.

وكبائر الذنوب هي كل معصية ذكر الوحي بأنها كبيرة وخصها الله بعقوبة الحد والوعيد واللعن مثل الشرك بالله وعقوق الوالدين و الزنا والخمر وشاربها وإشاعة الفاحشة والتعري في القنوات ووسائل السوشل ميديا والغيبة والنميمة ونشرالشحناء ومثل ذلك من الكبائر؛

فهذه الكبائر لا يكفرها إلا التوبة أو العفو من الله كما عفى الله عن تلك البغي التي فعلت الفاحشة فعفى الله عنها وأدخلها الجنة بسبب حسنتها مع ذلك الكلب عندما مرت به وهو يلهث يكاد يموت من شدة العطش فسقته الماء فغفر الله لها ؛

ولكن هذا العفو ليس قاعدة من قواعد الدين ولا أصلا من أصوله وإنما ليبين الله بأن الجنة لا ندخلها إلا بفضله ورحمته وأنه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ويدخل من يشاء في رحمته ، وأما القاعدة العامة هي أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة ، لإنّ الله تعالى لم يعفو عن تلك المرأة التي دخلت النار في هرة عذبتها ولم يعفو عن تلك المرأة التي ذكر الوحي بانها أتت بحسنات عظيمة من الصيام والقيام والصدقات لكنها سليطة تؤذي جيرانها بلسانها فقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم : هي في النار .

التوبة من الكبائر ليست شاقة على أصحاب القلوب الحيّة .. الآن وأنت تقرأ هذا الكلام جدد التوبة بالندم والاقلاع عن المعصية والعزم على عدم العودة للذنب مرة أخرى خوفا من الله ورجاء ماعنده وإن كان هناك حقوق للبشر فليكن في نيتك بأنك ستردها إليهم متى ما استطعت ؛ هذه هي التوبة إن فعلتها فأنت تسير في طريق التقوى لتتحقق لك الحياة الطيبة وتفوز بسعادة الدارين : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ “.