لقد أصبح من المعتاد أن نقرأ أو نسمع في وسائل الإعلام أخبار على وزن : (علماء يطورون خلابا دماغية بهدف دمج العقل البشري بالكمبيوتر , رومانيا تعين أول مستشار قومي يعمل بالذكاء الاصطناعي , علماء أمريكيون يبتكرون جهاز يشخص الأدوية في مواعيدها داخل الأجسام , إنتاج لحوم دون حيوانات ستحدث ثورة في عالم الغذاء , الساعات الذكية قد تؤدي إلى الموت ..) .

يبدو أن التطور التقني قد بدأ يتحكم في حياة الإنسان وإنه قد لا يمضي وقت طويل إلا ويصبح فيه الإنسان في موقع المفعول به .

التقنية هي التي سوف تقرر ماذا يأكل أو يشرب أو يعمل أو ينام وهي التي سوف تختار الزمان والمكان . وسوف تتحول التقنية إلى (وثن) يعبده الجميع .

الكثير من المهن سوف تنقرض وتحل مكانها مهن أخرى . أعتقد أن جميع المهن سوف تطالها التقنية (التغيير).

غالبا ما تعمل التقنية في عالم افتراضي غير ملموس , وبالتالي فإن الإرث الإنساني الحضاري سوف يكون كذلك , وبالتالي عند حدوث أي خلل تقني عالمي ولأي سبب من الأسباب (الحروب , الكوارث ..) , قد يعود فيه الإنسان إلى المربع الأول (الصفر) .

يقول العالم الفيزيائي الكبير البرت إينشتاين : لا أعرف ما هي الأسلحة التي سوف تكون في الحرب العالمية الثالثة . ولكن في الحرب العالمية الرابعة سوف تكون بالعصي والحجارة .

حقا مستقبل مظلم ينتظر البشرية من جراء التطور التقني المتسارع . التقنية التي سوف تكون محط أنظار البشر لن تملك الحل السحري لجميع المشاكل التي تواجه الإنسانية , وبالذات الإنسان الذي يعتبر (المحور) الذي تدور حوله الأحداث في الأرض . والمكلف بالعبادة وإعمار الأرض .

مهما بلغت التقنية من تطور فلن تستطيع أن تقيس حجم ووزن المشاعر الإنسانية مثل (الحب , الكراهية , الرضا , الخوف , الفرح , الحزن , الكذب ..) ، هذه المشاعر الإنسانية لا يمكن أن نقسيها بالسنتمتر أو وزنها بالكيلو غرام ،مجرد تخمينات يمكن أن تقدمها التقنيات الحديثة والتي بدورها قد تؤدي إلى نتائج كارثية . المشاعر الإنسانية كي تأخذ تصور تقريبي عنها لا بد من النزول إلى الميدان (الإحساس), فما بالك في عالم التقنية الذي يعمل من وراء حجاب (العالم الإفتراضي) .