معظمنا أو بعضنا تم اختيار خطيبته الأولى بواسطة والدته أو والده أو كلاهما- حفظ الله الحيّ منهم ومتعه بالصحة والعافية وتغمد من رحل عن الدنيا بواسع رحمته – ولكل منهما معاييره الخاصة في الخطيبة، في الزواج الأول يُنصِت الخاطب للقلب والهوى وما يتعلق به من حكايا الهيامُ والخواطر (النزارية)، فكل هذه (الرومانسيات) العاطفية ترمى في سلًة مهملات الذاكرة عندما يستنير الفكر.

أيها الباحث عن الخطيبة الثانية اعلم أن الزواج تأسيس وإنشاء كيان أسري جديد، فلا تستعجل وتحرّى واستشر من يقيّم بعقله لا بعواطفه، ولا تنسى أنك بحاجة لها قبل أن يتوغل بك الكبر وتضعف وتصبح أسيراً لصالة الجلوس، ليس بوسعك سوى توزيع النظرات الحزينة على الداخل والخارج في هذه الصالة، وكل صباح ومساء تمرر يدك المترهلة بهدوء على (باطرمة أو كنبات) الصالة تتحسسها وكأنك للمرة الأولى تشاهدها.

تُحدّق عينيك البائستين تحديقاً مطولاً (بترامس) القهوة والشاهي وألوانها الفاقعة على طاولة في وسط الصالة، وتتوقف النظرات البائسة عند المقبض المنحني(للترامس) مع تعرّجات خفيفة، لا نعلم سرّ هذا التأمل الدقيق، ولا نعلم عن ما يدور بخاطرك، ولا عن سر اكتشافك الخطير، الحقيقة التي لا مناص منها هي الهرم عدت حيث ما بدأت، هكذا هي سنة الله في عباده (۞ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير)ُ (54).

من المعايير الخاطئة في الاختيار عند بعض الأمهات الكريمات: شاهدنا بنتهم تصبّ القهوة بحياء وربما هو حياء مزيّف لتمرير مصلحة أو مكيدة ما، أو شاهدناها ترقص ببراعة، وبشعرٍ يلفح كموج عاتي، وتجلس بجوار والدتها هادئة بعيني ثعلب ماكر، توزع نظراتها خلسة، بخجل مصطنع بين الحاضرات، وربما بين نظرة ونظرة مؤامرة يعجز عن افتعالها ابليس واعوانه من الأولين والآخرين.

من المعايير الخاطئة في الاختيار عند بعض الأمهات الكريمات: البحث عن المظهر الجذاب وترك الجوهر الداخلي للفتاة.

من المعايير الخاطئة في الاختيار عند بعض الوالدين في الخطبة: التركيز على مكانة رب الأسرة الاجتماعية حتى وإن كانت المكانة شكلية بحتة، أو مالية، أو (سولفجي) مجالس، أو مجرد حلقة وصل بين الطبقة الكادحة والطبقة المخملية.

هذا لا يعني أن كل فتيات المجتمع ثعالب، فالكثير منهن طيبات مهذبات صالحات للسكن بمودة ورحمة، باعثات للاستقرار الأسري، جامعات للشمل.

احذر أيها الراغب بالتعدد أن يكون هدفك مجاراة الآخرين، أو غيرة أحرقت قلبك من أحد، أو نزوة استمتاع طائشة دون إدراك للعواقب، اختر طيّبة وإن كانت عملية وجادة في شئون الحياة فنعم الاختيار، واعتني بها تعتني فيك.

أيها القارئ الكريم في حالة (تورطك) في هذا المشروع، وفشله مبكراً فلا (تورطني) معك، فإني سأتبرأ منك كما تبرأ الذين أتُبعوا من الذين اتَبعوا، وستبقى وجهاً لوجهٍ مع (بلشتك) الشائكة، وإلى لقاءٍ إلكتروني آخر وفي حدث مماثل ربما وربما لا!.

طابت أيامكم ولياليكم. والسلام عليكم.