تعد ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من أكبر الجرائم التي تعاني منها الدول اقتصاديا وأمنيا حيث تساهم هذه العمليات في اضطراب الدول وعدم استقرارها وقد سعت الدول والمنظمات للتصدي لهاتين الجريمتين اللتين باتتا تشكلان خطرا عظيما على المجتمع.

يقصد بغسل الأموال: إضفاء الصفة الشرعية على المتحصلات الناتجة من نشاطات إجرامية.

ويقصد بتمويل الإرهاب: كل فعل يتضمن أي تبادل للأموال أو عائداتها كليا أو جزئيا لغرض تمويل أي نشاط إرهابي.

فعلى المستوى الدولي قام صندوق النقد الدولي بعدة مساهمات للحد من عمليات غسل الأموال التي قُدّرت بحوالي ٢٪ – ٥٪ من أموال الناتج الإجمالي العالمي يتم غسلها سنويا.

كذلك اعتماد استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب عام 2006م.

وعلى المستوى المحلي سعت المملكة العربية السعودية جاهدة لمكافحة هاتين الجريمتين بدءا بالموافقة على تطبيق التوصيات الأربعين لمكافحة عمليات غسل الأموال الصادرة من فريق العمل المالي (FATF) عام 1990م والتوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب وصولا لنظام مكافحة غسل الأموال ونظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله الصادرين عام 1439هـ.

بالإضافة إلى حرصها على القطاع غير الربحي فتمت الموافقة على اللائحة التنفيذية لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية في المملكة العربية السعودية عام 1437هـ وأشارت في مادتها40 فقرة (2) على جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: يجب على الجمعية مراعاة الأحكام التي تقضي بها الأنظمة السارية في المملكة ذات الشق المالي، ومنها نظام مكافحة غسل الأموال، وعليها بوجه خاص اتخاذ الآتي: إذا توافرت لديها أسباب معقولة للاشتباه في أن الأموال الواردة أو بعضها تمثل حصيلة نشاط إجرامي، أو مرتبطة بعمليات غسل أموال، أو تمويل إرهاب، أنها ستستخدم في العمليات السابقة؛ فعليها اتخاذ الإجراءات الآتية:

أ-إبلاغ وحدة التحريات المالية لدى وزارة الداخلية فورا وبشكل مباشر.

ب-إعداد تقرير مفصل يتضمن جميع البيانات والمعلومات المتوافرة لديها عن تلك الحالة والأطراف ذات الصلة، وتزويد وحدة التحريات المالية به.

ج- عدم تحذير المتعاملين معها من وجود شبهات حول نشاطاتهم.

ومع توجه المملكة في رؤيتها المباركة 2030م كان لابد من حوكمة الجمعيات الأهلية حتى تضبط معاملاتها الإدارية والمالية وتتجنب أي ضرر قد يحدث.

فأعدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قواعد حوكمة الجمعيات الأهلية تتمثل بثلاثة معايير تقيَم فيها الجمعيات الأهلية:

1.معيار الإمتثال والالتزام.

2.معيار الشفافية والافصاح.

3.معيار السلامة المالية.

وكل معيار يحتوي على عدة مجالات فمعيار الإمتثال والإلتزام تناول 10 مجالات من ضمنها التزام الجمعية بالأنظمة السارية في المملكة (أنظمة مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله وغسل الأموال) وهذا المجال يشكل من تقييم المعيار نسبة 14.5% لأهميته وضرورة الحذر من التعاملات المشبوهة ويحتوي في موضوعاته على: وضع التدابير لتحديد وفهم مخاطر تمويل الإرهاب, وضع السياسات والإجراءات والضوابط لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال, التقيد بنظام مكافحة الارهاب وغسل الأموال, وضع المؤشرات الدالة على وجود شبهة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب, حظر ابلاغ أو تنبيه العميل أو أي شخص أخر ذو علاقة بشبهة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب, تنفيذ البرامج التوعوية الداخلية الوقائية من جرائم الإرهاب وغسل الأموال وتمويله.

ختاما كان هذا عرضا موجزا للجهود الدولية في مكافحة هاتين الجريمتين وجهود المملكة العربية السعودية في كل قطاعاتها الثلاثة وأخص هنا الجمعيات الأهلية.

فالجمعيات الأهلية على كثرة الأموال والمساعدات الممولة لها تعمل على حوكمة عالية الدقة يصعب على المتربصين والمجرمين النيل منها وتسعى جاهدة على حفظ أموال المتبرعين وإيصالها للمستفيدين بكل أمانة وشفافية فيمكن القول أن أموال المتبرعين والمستفيدين في أمان بإذن الله مع حوكمة القطاع غير الربحي.