كنا في الماضي القريب يبهرنا مذيع يخرج الحروف وكأن سيبويه واقفاً أمامه يترقب خطأ فلا يجد سوى التصفيق، ونُعجب بفنان يعكس حياتنا بالظبط دون أن يشطح أويتكللف، كنا نمني النفس لو أصبحنا كبار حتى نلعب الكره بفن وأخلاق عالية مثل نجمنا المفضل، كان أهل الدين ينتخبون أعلمهم وأفقههم ليظهر على الشاشة أويستوي على منبره لينثر جواهره بتواضع وحب ،كل هؤلاء فقط من يحق لهم أن يتحفوا الدنيا بأخلاقهم ووصفهم المثالي.

أما الآن فكل شيئ قابل لأن يتبدل فالفنان قد يصنع فجأه بلا دراسة وإتقان وتعب ماعليه إلا أن يضع جواله فاتحاََ فاه وهو في الشعيب يقلد من يجد أمامه سواءََ كان آدميا أو حماراََ أجلكم الله ،وقد يظهر لنا في غياهب الليل من يفترس كل مالذ وطاب في غمضة عين دون اكتراث لأحبابنا الفقراء ولامانع من الجنون لكي تتسنا(الليكات) والإعجابات وتنهمر كل هذا وذاك ونحن (الفاغرين) نتفرج بكل انبهار !

إنهم مشاهير هذا الزمان رضيت أم لم ترضى عزيزي المثقف حتى لوقرأت أمهات الكتب وأبائها وسهرت ليلاََ لتقرأ الأيام وافتخرت يوماً أنك من أوائل من تلذذ بكلمات محفوظ قبل أن يأخذ الجائزة، صدق أولا تصدق عزيزي الصحوي أنك قدتمد رجليك حتى تقترب من الجمر وأنت تحتسي (التكتك) بكل رضا، وأنت أيها الراعي لشياه أباك وجارتكم الكهلة لم تعد تكترث اخضرت الأرض أم أجدبت مادام هناك سوالف في الواتس تنسيك شياهك ومن خلفها، لم تعد تهتم أيها الداشر سابقاً حين كنت تمضي الأيام بحثاً عن شريط (صفيه شتوي) ليصدح به مسجلك ذو الأربعة سمعات فلمسة على جهاز عجيب يسرد لك كل نغمات الأرض بلا استثناء ولكن بعد أن أصبحت ستيني نصف طربان، صرت أيها المنطوي على بساطتك وعفويتك منظبطاََ لترسل التعازي والأمنيات والمباركات بالعيد أو رمضان وكأنك مدير العلاقات العامة بالقروب، تغيرت الأشياء أيها الماجدون عن قبل فياترى هل سيأتي ماهو أقسى!.