اقترب حلول شهر رمضان المبارك وابتدأ الناس في تداول الرسائل المكررة في كل عام من صور التجهيزات من زينة، وطعام، ولباس، وإعلانات لمسلسلات وبرامج رمضانية متزاحمة ومن رسائل أدعية وتذكير يعاد نسخها في كل عام.

ثلاثون يوماً من كل عام فيها العتق، والغفران.

فيها الصدقات والإحسان.

ثلاثون يوماً تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف الحسنات، وتغفر السيئات، وتجاب الدعوات.

من صامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

وقتٌ محدود لنافذة تطل على الجنة، السعيد من استغلها وأعلى شأنه والشقي من غفل عنها وتغافل.

القليل منا من يحسن استغلال هذه الأيام المباركة، ومعظمنا وأنا منهم من ينغمس في انشغالات دنيوية ويُضِيع الكثير من الحسنات والبركات التي تحيط بنا في هذه الأيام.

ننشغل وتضيع أوقاتنا في تحضير الموائد وتزيين المنازل وتجهيز الملابس ودعوات الفطور والسحور، ومشاهدة المسلسلات والبرامج والتقليب بين المحطات، وقضاء ساعات في برامج التواصل، والمقارنة بين الموائد والديكورات من التي تفوقت في إعداد أجمل مائدة.

ابتعدنا كثيراً ونسينا فضائل هذا الشهر العظيم وانغمسنا في الأمور الدنيوية التي من المفترض علينا تركها تحديداً في هذه الأيام أكثر من غيرها.

لقد عكسنا الآية وتركنا الطاعات والعبادات في هذا الشهر الفضيل لنلحق خلف البرامج الرمضانية ونتناقل وصفات الطعام والحلويات ونتبادل الصور والفلاتر ونتفنن بها.

عِوَضاً عن ترك كل هذه الأمور والانشغال بالعبادات والطاعات وختم القرآن وحفظه وتدبره وفعل الخير والتقرب من الله تعالى.

لنجرب شيئاً مختلفاً هذا العام.

لنتخيل بأن تيم بيرنرز لي لم يخترع الإنترنت بعد.

وبأن القنوات الفضائية لم توجد بعد.

ولنعيش رمضان هذا العام وفقاً لذلك..

رمضان دون مقاطعات دنيوية.

لننغمس في العبادات ونستشعر حلاوتها..

لنتذوق المعنى الجميل للتعبد..

لنقرأ القرآن الكريم بِتَمعُّن وخشوع وفهم وإدراك وليس سباقاً لختمه دون أن نعي كلماته وأحكامه.

لنحفظ ما تيسر لنا منه.

لنناجي الله بكل ما في خواطرنا.

لِنُسْقِطَ همومنا وأفكارنا التي أثقلتنا في كل سجدة.

لنستغل رمضان هذا العام ونرفع رصيد أعمالنا.

اسأل الله لي ولكم بأن يُعِيننا على صيامه وقيامه ويكتب لنا العتق من نيرانه، ويعيده علينا أعواماً عديدة ونحن نتمتع بصحتنا وعافيتنا.