أولاً ضع عقلك في صندوق وأغلق عليه بإحكام لن تكون بحاجته، ثمَّ تصنَّع شخصية أخرى.

شخصية تحاول جاهدة بأن تكون طريفة بشكل هزلي مبالغ فيه، وإن لم تفلح في ذلك لا تقلق هناك طرق أخرى تجلب لك الشهرة سريعاً، يمكنك تصوير أهل بيتك واطلاع الناس على خصوصياتك، أو بإمكانك عمل مقالب سخيفة لأصدقائك.

لتضمن تداول وشهرة أكثر قم باستغلال براءة طفل وقم بممازحته أو التنمر عليه أمام الكاميرا لتقلب الرأي العام ثم تقوم بعد ذلك بالاعتذار للمشاهدين والتبرير.

العملية ليست بصعبة يمكنك أن تصبح مشهوراً باتباع هذه الخطوات البسيطة!

أصبح التهريج والاستخفاف بعقول الناس سلعة يروج لها، بل وأصبحت حلم وطموح لكل هذا الجيل بأن يصبح مشهوراً.

مشهوراً بثقافته؟

بإنجازاته؟

بما قدمه للعلم؟

لا وبكل أسف.

بل مشهوراً بتسلية من أضاعوا أوقاتهم وساعات يومهم في مشاهدة تفاهات لا تُنَمي عقولهم، بل تزيده خمولاً.

كل دقيقة تُفنى في مشاهدتهم يزداد العقل ضعفاً.

أثبت العلماء بأن المخ عضلة مرنة إن مرَّنْتها على الخمول ضمرت وإن مرَّنْتها على التفكير والتحدي أبدَعت.

متى تغير الحال من الفخر بالإنجازات العلمية والعملية والوصول للمراتب العليا في العلم إلى الانحدار الذي نشهده حالياً من التفاخر بعدد المشاهدات ومن هو أكثر تهريجاً وأقل حياءً من الآخر.

أصبحت الشهرة عملاً لمن لا عمل له…

تَعَدَّى الموضوع كونه تسلية وجمع متابعين وجمع أموال من معلنين.

لو تفكًّرنا به جيداً سنرى تبعاته الخطيرة على المجتمع وعلى الأجيال القادمة.

الرغبة في تحصيل العلم والحصول على الشهادات قلَّت بشكل ملحوظ.

زاد التوجه لوسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت الوظيفة التي يطمح لها الجميع وهذا التوجه له تبعات مالية واجتماعية على المجتمع ولابد لنا من التنبه لهذا الظاهرة.

بالإضافة إلى تبعاته الأخلاقية فأصبح من الصعب التحكم فيما يشاهده الأطفال والشباب فهم محاطون بالإسفاف من كل الاتجاهات ولابد لهم من التأثر به.

إلى متى ونحن نمجد الحضارات الأخرى وما توصلوا إليه من علم وإنجازات، وفي ذات الوقت نمجد هذا النوع من المؤثرين في مجتمعنا!

كيف سيكون هذا الجيل المعرَّض لهذا النوع من المحتوى ما هي طموحه؟ ما هي إنجازاته؟ كيف سيكون فكره؟ ماذا ننتظر ونتوقع منه!؟

لا بد من كسر الحلقة والتوقف عن تمجيد وتشجيع هذه الأيقونات وتداول أسمائهم فهم ليسوا بقدوة لأبنائنا وبناتنا ولا يمثلوا هذا المجتمع المثقف والواعي.

هناك الكثير من المثقفين وأصحاب الإنجازات الذين يستحقون بأن ترفع أسمائهم ويكونون قدوة لهذا الجيل.

الأسر في تحدي مستمر في تربية أبنائهم، كان الله في عون كل من يحاول تنشئة أبناء صالحون في هذا الزمان.