يعتبر الأمن من أهم المطالب الأساسية لكافة الدول من دون استثناء، وهو مهم للفرد والمجتمع والدولة. ويعد من العناصر المكملة لحالة الوجود والاستمرار والتنمية. فالجميع يبحث عن الاستقرار والأمان والرفاه الاقتصادي وتسعى بكل ما تملك جاهدةً لتحقيق الأمن الوطني التي بدونها لن يتحقق. ويشكل الأمن الوطني الهاجس الأكبر للدول لأنه من دونه فإن الحياة ستكون في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، ولذلك أصبحت مسؤولية الأمن تقع على الجميع من أفراد ومسؤولين على كافة المستويات والطبقات والشرائح المجتمعية.

الأمن هو نقيض الخوف، وحسب تعريف المنجد في اللغة والاعلام للأمن “يفيد الاطمئنان والأمان والحماية والذمة”. ويعبر عنه بالقرآن الكريم في مواقع كثيرة، حيث يقول الله عز وجل في كتابه الكريم “فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” سورة قريش. ونتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “من أصبح منكم آمناً في سربه معافىً في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها”. وذكر محمد نعمان جلال في كتابه الاستراتيجية الدبلوماسية والبروتوكول بين الإسلام والمجتمع الحديث تعريفاً للأمن وهو “غياب الخوف واختفاء التهديد وسيادة الاطمئنان النفسي”.

كان مفهوم الأمن سابقاً مرتبطاً بمدى إمكانية الدولة على المحافظة على سيادة وحدة أراضيها ومنع أي اعتداء عليها من قبل دول أخرى، وكانت الدولة ولا تزال عند مدرسة الواقعيين وأهل النظرية الواقعية (Realism Theory) في علم السياسة والعلاقات الدولية أن الدولة هي وحدة الدراسة والتحليل السياسية، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة وانتصار الرأسمالية، ونتيجة الانفتاح الواسعة على العولمة والأخطار التي فرضتها، أصبح الإنسان هو وحدة الدراسة والتحليل الأساسية. وكان لزاماً على الدولة أن تقوم بحماية أفرادها والمقيمين على أرضها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وإيديولوجياً …. الخ.

لن يتحقق الأمن والاستقرار من دون تنمية وكذلك التنمية لن تتحقق من دون وجود أمن واستقرار، فالأمن والتنمية متلازمتان ويتأثر أحدهما بالآخر فلا أمن بدون تنمية ولا تنمية من دون أمن، حسب ما ذكره روبرت مكنمارا “وزير الدفاع الأمريكي، في ستينيات القرن الماضي” في كتابه “جوهر الأمن”. وتطرق باري بوزان في مقالة تحت عنوان “أنماط جديدة للأمن العالمي في القرن الواحد والعشرين”، إلى خمسة قطاعات للأمن وهي الأمن السياسي، والأمن العسكري، والأمن الاقتصادي، والأمن المجتمعي، والأمن البيئي، ولا يمكن أن تعمل هذه القطاعات منفردة عن بعضها البعض، بل أن كل واحدة تحدد نقطة مركزية من الناحية الأمنية، والتي يتم عن طريقها ترتيب الأولويات، وهي تعمل مترابطة مع بعضها البعض.

عندما نُسْقِط هذه القطاعات الخمسة مجتمعة على مجتمع ما، نتيجة لمصادر التهديدات للأمن الوطني من مخاطر فردية، ومخاطر مجتمعية، وتهديدات عابرة للحدود، كالهجرة غير المشروعة واللاجئين، ومخاطر بيئية كالانحباس الحراري والتصحر والأمراض والأوبئة، فإنها قد تشكل خطراً عظيماً على أمن الدول أكثر من خطر الغزو عليها من قبل دول أخرى. لأن أثر هذه التهديدات يظهر على الموارد الطبيعية والتي تؤدي إلى ضغوط اقتصادية على المجتمعات مثل التضخم والبطالة وفقدان العملة لقيمتها وقد يكون من افرازات الضغط الاقتصادي التوتر والقلق الاجتماعي مما قد يثير موجةٍ من عدم الاستقرار السياسي والذي ينذر بأن يواجه بتدخل عسكري وتنتشر الفوضى.

ولذلك على الجميع حكومةً وشعباً الالتفاف على بعضهم البعض حتى يتشكل الولاء والانتماء لهذه الأرض الطيبة وأن يحميها الله من كيد الأعداء والحاقدين.