اليوم راح نتكلم عن حب الوطن، هذا الوطن الذي يحتوي بداخله كافة أطياف المجتمع من قبلية ومناطقية وفئوية وجهوية وغيرها. يجب أن يكون حب الوطن مشاعاً للجميع، لا تختص به مجموعة دون أخرى. وينبغي علينا أن لا نزايد في حب الوطن. جميل أن يعبر الكل عن حب الوطن كلٌّ بطريقته الخاصة. لكن حب الوطن ليست كلمة تقال فقط لإظهار هذه الكلمة أمام العالم أنا أحب الوطن … وغيرك من المواطنين الآخرين هل هم كارهون للبلد، هذا معناه استقصاء للطرف الآخر، وهذا يدل على إنك أنت فقط من يحب الوطن وأن الآخرين لا يحبون بلدهم، وهذا غير صحيح!

حب الوطن لا يأتي عن طريق التشدق بها، بل يجب أن يأتي من أعماق قلبك، وأن يكون حب الوطن متجذر عقلياً وعاطفياً في ذاتك وفي كيانك. حب الوطن ليست كلمة عابرة، تقْتَنِص منها أهدافك التي تنوي الوصول إليها عن طريق إطلاق سيمفونية حب الوطن.

حب الوطن ينتج من عدة طرق أولاً: دُعائك لهذا البلد عن ظهر الغيب أن يحفظه الله من كل الشرور. ثانياً: الدعاء لولي الأمر بالتوفيق والصلاح والسداد، لأن صلاحهم صلاح للبلاد والعباد. ثالثاً: الدعاء بأن الله يوفق ولاة أمرنا باختيار البطانة الصالحة التي تعينهم على فعل الخير. رابعاً: حب الوطن يتم عن طريق الأمانة والإخلاص في العمل. حب الوطن أن تعمل على وحدة هذا البلد لا على أن تدق أسفين الفرقة بين أبناءه، عن طريق العنصرية القبلية أو المناطقية أو الطائفية وغيرها. يؤدي هذا العمل الى الشقاق والتفتت والسماح للآخرين المتربصين من ذوي الأهداف الانتهازية سواء من الداخل والذين يعملون لأجندات خارجية، أو لمن يتربص ويتحين الفرص للمحاولة في تفتيت اللحمة الوطنية من الخارج، والمتربصين ببلادنا من الخارج كثر.

حب الوطن عندما تعمل بأمانة وبصمت، ولا كل عمل يجب أن يظهر للملأ، كأن تُعْلِن للخلق اُنظروا ها أنا الأمين والمحب للعمل لأجل الوطن. حب الوطن أن تعمل على توحيد الصفوف لا على شق الصفوف. كنا في أمريكا، وأمريكا كما تعلمون هي “بلد المهاجرين” خليط من أجناس وأعراق وقوميات وديانات متنوعة، منهم الأفريقي ومنهم اللاتيني ومنهم الآسيوي ومنهم العربي ومنهم البوذي ومنهم الملحد ومنهم المسلم وغيرهم، لما ندخل الفصل أو الحلقة الدراسية يلغوا هذه العرقية خارج الفصل ويقاتلوا كيف عليهم أن يحافظوا على أمريكا والدفاع عنها وتجد فيهم الحماس لجمع المعلومة وتوظيفها للأمن القومي الأمريكي.

يجب أن يكون حب الوطن لدينا ضمنياً في جميع ما نقوم به من أعمال، لأنه بالتالي يعود بالنفع والخير على بلدنا. ولذلك علينا أن نثبت ونبرهن حبنا لوطننا بالأفعال لا بالأقوال. يطلع واحد ويقول: والله أنا أحب الوطن، وهو موقع على صفقات فساد مشبوهة وسرقات واختلاسات، أي حب وطن تتكلم عنه. والآخر، يمجد حب الوطن وهو موظف القبيلة أو المنطقة أو الطائفة والأفضلية لهم على الآخرين في التوظيف ويعتمد في تعيينه على الولاءات لا على الكفاءات، أين حب الوطن. يتم حب الوطن عن طريق الإصلاح الذاتي وعن طريق الأمانة والرقابة الذاتية، وليس حب الوطن فقط عن طريق اللسان والهياط عبر القنوات في الادعاء بحب الوطن. حب الوطن ليس بأخذ حقوق الآخرين. حب الوطن في تسهيل لا تعقيد مصالح الآخرين. حب الوطن يجب أن يكون عملي وعلى أرض الواقع.