يوجد اشكالية كبيرة لدى شريحة من مجتمعنا في مفهوم الاستراتيجية. كما هم القادة هناك منهم ما هو مؤثر والآخر بطبيعة الحال غير مؤثر.

القائد المؤثر هو من يظهر أثر عمله على اتباعه، وهو من يقوم بالبحث عن المواهب الدفينة والغير مستغلة عن طريق استخراجها واستغلالها وصقلها عن طريق التدريب والممارسة، من أجل نقل أفكارهم إلى أبعد نقطة ممكنة من التفكير، وصناعة قادة لديهم القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية والتغيرات العالمية.

طبعاً، ليس من الممكن بل من الاستحالة، أن يكون كل الشعب استراتيجياً، وهم على فكرة، قليلون جداً، ويكاد أن يكون هناك شح فيمن تكون لديهم القدرة على ممارستها من الجنسين. لأن الاستراتيجية هي عملية تمييز القليل المهم من الكثير الغير نافع (الفارغ).

وهي عملية تحتاج إلى تفكير ثم رسمها على شكل خطط، وتتطلب بعد نظر، والقدرة على عملية التصور والتشخيص لوضع سياسة ارشادية وفق مجموعة من الاجراءات المتناسقة والمتماسكة لوضع تخطيط استراتيجي مبني على تفكير استراتيجي. ولكي يتم تطوير هكذا نوع من القادة، وهذا أمر ليس باليسير والذي يمكن من خلاله صنع قائد استراتيجي بطريقة سريعة. هذه العملية تحتاج إلى وقت طويل وإلى صبر. وليس الحصول على دورة أو قراءة مقالات أو كتب كفيلة بأن تجعل من هذا القائد أو الذي يعمل في مجال الاستراتيجية أنه مؤهل لذلك.

الاستراتيجية هي علم وفن، نعم عل ٌم بنظرياتها وبمدارسها المتنوعة وكذلك بمفكريها الذين أخذوا على عواتقهم الكتابة عن الاستراتيجيات ودعمها بالأمثلة الواقعية من البيئة التي ينتمون إليها أو من بيئات أخرى. وهي فن، لأن طريقة ممارستها وكيفية تطبيقها تختلف من شخص لآخر.

القائد الاستراتيجي هو ذلك القائد الذي يتميز ببعد النظر وقوة الحدس والتوازن بين حالات الرضى والغضب والانفعالات الفكرية والعملياتية والاستراتيجية والقيادية، بل هو أيضاً من يستخرج افضل ما في مرؤوسيه، بل هو من يجيد فن التغافل عن السهو الفكري والقيادي عند مرؤوسيه، ليصل بهم الى النهايات المنطقية في الفكر والتخطيط والتنفيذ.

الاستراتيجية لا ُيكتفى بدراستها والحصول على الدورات، بل يضاف إليها وفرة المعلومات والخبرة، وقد يتوافر هذان العاملان وفرة المعلومات والخبرة، ومع ذلك تخرج استراتيجية ضعيفة. ويضاف إلى ما سبق، انها لن تكون بديلاً عن ممارستها في بيئة عمل حقيقية لمواجهة ومعايشة أزمات وتحديات واقعية. أما غير ذلك من حضور دورات فقط لن تكون كفيلة لتخولك بأن تصبح استراتيجياً يقود مصلحة الأمة إلى بر الأمان.

في الختام، نعم يجب علينا الاعتراف بأنه لدينا نقص في القادة المؤهلين استراتيجياً، ونحن اليوم في حاجة ماسة لهم أكثر من أي وقت مضى وبحاجة أيضاً للنظر في معالجة هذا الشح.