كان هناك رجل يمشي في أحد الأحياء الفقيرة فوجد سيدة عجوز تدّعي أنها تبصر الأقدار ، فنادت الرجل : ياسيدي ، ياسيدي ، قف لحظة .

وقف الرجل ونظر إليها مبتسمًا ، قالت : لو كان بإمكانك معرفة شيء واحد فقط من بين ثلاثة أشياء ماذا ستختار أن تعرف ، من هو أكبر اعدائك ؟ كم ستعيش ؟ أو متى ستجد حب حياتك ؟
فكر الرجل لبرهة ، ثم قال : لقد وجدت بالفعل حب حياتي ، ولا يهمني كم سأعيش مادمت سعيد .

ولكني أريد معرفة من هو أكبر أعدائي لأحترس منه . أعطته المرأة صندوق وطلبت منه أن يفتحه ، ثم قالت :ستجد صورة عدوك بالداخل . بعد أن فتح الصندوق وجد مرآة تعكس صورته ، ابتسم لها بهدوء واخرج نقودًا من محفظته ووضعها في الصندوق ، واكمل طريقه ولكن انعكاس صورته لم يفارق ذهنه تلك الليلة .
 
كيف يمكن أن نصبح أكبر أعدائنا ؟ حين نجلد ذاتنا ولا نكف عن تأنيبها حين نشعر بالإحباط أو حين نفشل .

ويستمر جلد الذات طويلًا إلى أن تذبل أرواحنا وتفقد شهيتها للحياة .
 
مالذي يجعل الحياة مضمار سباق ؟ و لم نسيرعلى جدول زمني محدد ؟ ففي بداية العشرين يجب أن اكمل دراستي و يجب أن أحصل على وظيفة أحلامي ، ووصولًا لنهاية العشرين يجب أن أجد نصفي الثاني ، أما في عقد الثلاثين يجب أن أحصل على منزل وأبدأ مشروع ما ، وفي حال لم تسرِ الأمور بحسب جدولك الزمني الوهمي ، ولم تحصل على الأشياء التي وضعتها ضمن ذلك الاطار ستنهار وتحبط ، وتبدأ في معاتبة نفسك على تقصيرك . سيشغل الفشل جل تفكيرك ، بينما تتوارى النجاحات التي غالبا ما تكون صورتها باهتة وغير واضحة بسبب تلك الضغوطات التي جاءت منك.
 
قيل لك أن النجاح وتحقيق الأهداف يجب أن يحصل في بداية العمر ، وإلا سيحكم عليك بالفشل ؟
وقيل لك أن الثراء أن لم تحققه الان ، فلن يتحقق غدا ؟
وقيل لك أن نصفك الثاني إن لم تجده وانت شاب ، فلن تجده أبدًا ؟
 
لماذا نضع قيود وهمية ونبدأ تحميل أنفسنا مالا طاقة لها به ، في سبيل تحقيقها ضمن إطار زمني محدد ؟
 
هل بحثت خلف قصص نجاح الكثير ممن تراهم روادًا في مجالات عدة ؟ ستجد أغلبهم نشأو تحت ظروف قاهرة ، ومسيرتهم لم تكن قصيرة ، بل امتدت عند بعضهم لسنين طويلة . على سبيل المثال ، في قصتنا الأولى صاحب سلسلة المطاعم الشهيرة كنتاكي ، حيث ولد سنادرز لعائلة فقيرة ، توفي والده وهو بعمر السادسة وكانت أمه تعمل في أكثر من وظيفة لتأمين معيشتهم ، لذلك أصبح هو من يهتم بإخوته . كان يطهو لهم الطعام ، ومنها بدأ تعلم الطهو في سن السابعة وأحبه جدًا ، لكنه يجب أن يعمل بعد ذلك ليساعد والدته ، فعمل في أكثر من مهنة ، منها العمل في المناجم ، إلى قيادة العبّارات ، حتى العمل في محطات الوقود ، و بيع إطارات السيارات .

لكنه لم ينس شغفه الأول ، حبه للطهي هو من جعله يؤسس مشروع أحلامه وهو بعمر الاربعين ، كان يبيع الدجاج على عربة بالقرب من محطة القطار ، ولكن سرعان ماتراكمت عليه الديون ، ثم فشل المشروع مما اضطره إلى بيع العربة لتسديد ديونه .

عاد للعمل بعدة وظائف أخرى وحلمه لم يتوارى عن ذهنه ليلة ، لم يشكك في قدراته لحظة ، وكان يعلم أن العوائق كثيرة ويجب أن يفكر خارج الصندوق ، لذلك عرض فكرته على عدد من المستثمرين وهو في عمر الخامسة والستين ، لاقت خلطته السرية استحسان الكثير مما دفعهم الى الاستثمار. بذلك اصبح حلم الطفولة واقعًا حتى ولو في نهاية الستينات ، هل تعلم ماذا يعني ذلك ؟ أن تحمل شغفك بداخلك أكثر من خمسين عام ؟
صنع مجده لأن العوائق لم تبدد حلمه ، لأنه لم يخضع تحقيقه ضمن اطار زمني ، فكل يوم جديد يأتي حاملًا معه الأمل لتحقيقها. فالمجد وإن تأخر ، فأنه يدوم العمر كله ، بل يمتد الى مابعد ذلك .
 
محور قصتنا الثانية (جو مالون) أشهر صانعة عطور بالعالم ، وهي فتاة تنحدر من الطبقة الكادحة ، تفككت أسرتها في عمر صغير ، غادر والدها المنزل ، وأصيبت والدتها بانهيار عصبي شديد أودعت على أثره مستشفى الأمراض النفسية . لم تجد جو أمامها سوى أن تعمل جاهدة لكسب المال حتى موعد خروج والدتها من المستشفى . كانت تبلغ من العمر إحدى عشرة عامًا وكانت والدتها تعمل في مجال مستحضرات البشرة والتجميل ، بدأت بصناعة الصابون وبيعه في الحي ، امتدت الرحلة حاملةً في طيّاتها مجموعة خيبات وإنهزامات ، إلى أن أسست علامتها التجارية (جو مالون) حتى حققت ثراء فاحش .
هل تعتقد أن القصة انتهت هنا؟ لا ، فبعد أن أسست إمبراطورية تحمل اسمها اضطرت إلى بيعها بسبب عقبات كثيرة ، ولم تعاني فقط من الخسارة بل باعت اسمها للشركة الجديدة ولم يعد لها الحق باستخدامه مستقبلًا .
 
ألقت الكثير من اللوم على نفسها لعدم مقدرتها على حفظ إرثها بعد كل ماعانت منه للوصول الى القمة ، ولكن بعد فترة استوعبت أن جلد الذات لن يعيد لها مافقدت . فمهما كان الأمر سيئا ، أمامك دائمًا ثلاث خيارات : إما تغيير الوضع ، تقبله ، أو تغيير الطريقة التي تنظر بها نحوه .
 
(جو مالون) لم تعد قادرة على القيام بأكثر أشيائها حبًا في الحياة -وهو صناعة العطور- فماذا ستفعل الآن ؟
بمجرد إنتهاء عقد عدم المنافسة ، بدأت في بناء إمبراطوريتها الثانية تحت اسم (جو لفز) . عكست في قصتها روح التحدي ورفض الخضوع للظروف الخارجية .
 
يمكن تحقيق أحلامك في أي عمر ، أعد المحاولة ، وفي حال فشلت اعلم بأنه لاوجود لجدول زمني للنجاحات وتحقيقها ، مادمت تضع أهدافًا أمامك ، وتسعى لتحقيقها -ولو كانت على المدى البعيد- فأنت تسير بالمسار الصحيح .
 
وصولا لقصتنا الثالثة عن الممثل الأمريكي (هارسون فورد) بطل سلسلة أفلام انديانا جونز ، حيث لم يدخل عالم التمثيل إلا بعمر الثلاثين و كان قبلها يمارس مهنة النجارة يقبض بالساعة أقل من دولار هل شكك بقدراته ؟ هل قال لنفسه انا مجرد نجار كيف سادخل عالم التمثيل ؟ ومالذي يميزني دون غيري لأحصد كل هذه الشهرة ؟ لا لانه كان مؤمن أن لديه شيء مختلف ليقدمه .

خذها مني قاعدة إن كنت تشكك بنفسك ولو قليلا لن يؤمن بك احد مهما أدعيت انك واثق من نفسك فا الناس من حولك تشعر والشخص الغير واثق من نفسه طاقته تصل لمن حوله لذلك اَمن بنفسك اولاً ثم ابداء طريقك لتحقيق ماتؤمن به .

مصممة الأزياء ( فيرا وانج ) محور قصتنا الرابعة ، لم تصمم زيها الاول حتى بلغت عمر الأربعين ، وتعد اليوم من أنجح سيدات الأعمال في العالم بصافي ثروة يقدر بـ 460 مليون دولار .

اما بطل قصتنا الأخيرة (ماجد الرافعي) مثال الشاب الذي يحتذى به بدأ العمل كاحارس امن في احد الشركات الطبية ليستطيع أن يكمل دراسته الجامعية لأن حلمه أن يصبح صيدلي فكان ينظر اليهم كل صباح وهم يدخلون الشركة وهم يرتدون زيهم الطبي ويحلم أن يصبح زميلهم في يوم مؤمن انه لا يقل عنهم بشيء ولكن ظروفه تختلف عن ظروفهم فقط لذلك اختار تخصص الصيدلة واكمل تعليمه ولم يترك وظيفته فقد استطاع الموازنة بين العمل والدراسة فهو واخوته من يرعى والدته فلم يكن لديه خيار ثاني .
تخرج ماجد وها هو اليوم يعيش حلمه كل صباح وهو يرتدي معطفه الأبيض ويذهب الى شركة الأدوية الذي يعمل بها .

لم يضع ظروفه شماعة وجلس متقاعس عن تحقيق حلمه ، وضعه لم يعجبه فختار تغيريه لأنه يستطيع ، ليس هو فقط كلنا نستطيع تغير أي شيء لا يعجبنا إن كنا شجعان لفعل ذلك ، فا الإرادة هي اعظم انواع الشجاعة .
 
يختلف الأشخاص مثل اختلاف البصمة ، حيث لكل واحد منا قصته وطريقه الذي لا يشبه أي أحد آخر ، لاتقارن نفسك بغيرك بل قارن نفسك فقط بنفسك ، فحياتك وظروفك تختلف عمن هم سواك . ضع أهدافًا واضحة و اسعَ نحو تحقيقها ولا تربطها بالوقت .

ولتدرك أنك نحو الطريق الصحيح اسأل نفسك ، هل تكبر كل عام – ولا أقصد بسؤالي هل تتقدم بالعمر- ولكن هل تكبر ؟ هل يكبر عقلك وتفكيرك ؟ هل تتعاطى مع المواقف الذي تتعرض لها بنفس الطريقة التي كنت تتعامل بها مسبقًا؟ هل تتجاوز بسرعة ، أم تقف طويلًا على الأطلال ؟
نحن نكبر بالتجارب ، وهي من تقيس تقدم حياتك أن تصبح أفضل -ولو قليلًا- في كل عام ؟ هل تضع خطة واضحة لتحقيق الأهداف ، كالإدخار مثلًا لشراء شيء معين ، أو تغيير أسلوب حياتك نحو إنقاص وزنك حتى لو كان بسيطًا فأنت تمشي نحو الطريق الصحيح .

تعلم لغة جديدة بسبب موارد القليلة اخذ معك اتقانها 5 سنوات رغم أن غيرك الذي استطاع السفر ودراسة اللغة بسبب ظروفه المادية الأفضل منك اتقنها خلال عام ؟ هل يعني بانك فاشل وهو ناجح ؟ لا لأنه لايهم كم من الوقت اخذت للوصول الى مبتغاك المهم أنك وصلت .
 
العالم مليءٌ بالصعوبات فرفقًا بنفسك ، اعلم يقينًا أن جميعنا نخوض صراعًا داخليًا كل يوم لنحقق مانتمنى ونحلم به ، لكن لا تنس وأنت في الطريق استمتع بالرحلة ففيها يكمن سر الحياة نحو القدرة بالإستمتاع رغم الصعاب .
اهدي هذا المقال الى الشخص الرائع الذي يعيش كل يوم بسعادة رغم عن أنف الهزائم ، رغم كن كل مايحمله بقلبه من خذلان لاتنسى إن الله لن يخذل لك محاولاتك ولن يكسر لك حلم فقط ثق بالله .

 
” هي عقود ستمضيها وتموت . استمتع بحياتك ، ابحث عن طموحك،حقق رغباتك . لايفصلك عن الموت سوا ايام تعيشها .
ايامك معدودة ونادرة استمتع بها قدر الامكان ” – محمد الخميس ( رحمه الله )