دائما لم يكن لدي ميول لمجموعات “الواتس آب”. ميولي ضعيف جدًا ولا أحب أن يقحمني أي أحد بأحد تلك المجموعات بدون إذن مني. ولكن فجأة وجدت نفسي مقحمة في الكثير من المجموعات (القروبات) وبدون أخذ رأيي فيما إن كنت أرغب بها أم لا.

هناك رسالة أستحسنها جدا وقد لا يحبها البعض لكني صنعتها وبكل اقتناع تلك الرسالة هي “أنت غادرت المجموعة.”

نعم لقد غادرت الكثير من تلك المجموعات باقتناع تام مني وبدون تردد؛ لأكتفي بطقوسي الحياتية البسيطة التي أعيشها مع نفسي وأيضًا؛ لأكسب ذلك الوقت المهدر والذي كان يذهب سدى حينما كنت أقوم بتصفح محادثات لا طائل منها ولم تضف لي شيئا مفيدا.

كنت أرغب حينها في تقليص التزاماتي تجاه الآخرين، وفي عيش عالمي الخاص بهدوء. كنت أعلم أن قضاء أكبر وقت ممكن بداخل مكتبتي المنزلية المتواضعة وبين كتبي يضاهي كل شيء. كنت أشعر بسعادة بالغة بذلك وبدون منغصات أخرى كانت تلك المجموعات آخر همي كما يقولون.

وهذا بالطبع أمر يجعلني متحررة من أي قيد، بالفعل شعور المغادرة جميل جدًا أيًا كان نوع تلك المغادرة، مغادرة قروب لا تجد نفسك بين أعضاءه، مغادرة مواقف لا تستطيع فهمها، مغادرة اشخاص لا أسف عليهم، مغادرة مكان لا ترتاح فيه، مغادرة نقاش لا تجد له مردود أو فهم، مغادرة أشخاص لا يروقون لك ليس شرطًا أن تكون كل مغادرة مؤلمة فبعض المغادرات مكسب ثمين جدا لأنفسنا.
 
ورغم المغادرة بذلك الهدوء، يبقى المغادر هو محور الحديث سواء في قروب أو غيره قد تنهال الأسئلة والاستفسارات لوقت من الزمن، ويصبح اسمه يتردد في أوساط المتسائلين في المجموعة. البعض يحلل سبب المغادرة وقد يفتي أيضًا، والكثير من الفضول من البعض لماذا غادر.  اتركهم لتكهناتهم وأسئلتهم المعلقة فالأمر لن يطول، فبعد وقت قصير سوف يبدأ أعضاء تلك المجموعة في فتح صفحة جديدة من الأحاديث والنكات والنقاشات عن الأمور اليومية، ويصبح اسم ذلك المغادر في طي النسيان.

وفي النهاية غادرت إلى عوالمي وإلى غاياتي وإلى زوايا مختلفة تمامًا أحب المكوث والانشغال بها؛ لأنني أؤمن جد بحكمة أن شراء الرأس يحقق السلام.