تسكب الماء على وجهك أمام المرآة وتخلل شعرك فيسترق النظر معالم شعرك وخفاياه فتكتشف أن شعرة واحدة وربما أكثر قد اكتست لون البياض رغم أنفها وأنفك، يشتد حاجب العين ويرتخي ويشتد مرة أخرى مؤملا أن تكون قراءة حاسة النظر خاطئة؛ فيصدر التقرير من المركز الرئيسي مخيبا للآمال بأن ما رصدته حاسة النظر صحيحة وقاطعة للشك ..

تنصرف حالا حتى لا تتعمق أكثر فتكتشف ما لا تحب، ترحل خلسة للوراء فتتذكر ايام الشباب؛ كان السواد يكتسي شعر الرأس والوجه كاملاً وكانت الأمنية نعومة وكثافة الشعر لمن لم يكن شعره ناعم..

من الآن وصاعدا تتجول العينين في شعرك كلما وقفت امام المرآة وفي كل وقفة تكتشف ازدياد بياض الشعر وأيضاً تكتشف أنك لا تستطيع تحديد مشاعرك، كل شيء قد تستطيع إخفاءه إلا شعراتك البيضاء فإنها تقدم حقيقتك وتعكس معالم الهرم القاتمة وتؤكد لك أنك قادم إليه لا محالة، فكل شعرة بيضاء لها حكاية وقصة في دواخلك لا أحد يستطيع الوصول إليها سواك ، قد تحكي هما أو خيبة أو شيء ما ..

تقبل اللون الأبيض دون انكسار وعش حياتك وتيقن أنك  غير صالحاً للسواد واذهب إلى مقر عملك؛ أو (حلالك) لمن لديهم عراك داخلي خارج السيطرة..

الذين يتمتعون بحوية عليهم بالعمل غير الشاق حتى وإن كان من غير فوائد، وأما الفوضويون وأصحاب الدعة والكسل فعليهم ( التبطح ) في الاستراحات، أو المقاهي والبحث عن السوالف الباردة ومناقشة أحداث العالم كبيرها وصغيرها ولا يمنع عراك الألسنة بشرط أن لا تتدخل الأيادي  فتتبادل ( البقوس )..

حدد مسارك من أي الصنفين واعتمد على الله واستمتع بحياتك واعلم إن أطال الله في عمرك أنك يوماً ما ستقع في شباك الهرم ولن تفلت منه.. نسأل الله حسن الختام.