يُقال أن نجد منجبة الشعراء الذين تغنوا بها؛ وقد لا تجد كتاباً من كُتب التراث العربي وإلا وتطرق لنجد، ويُقال أن لها مفاتن تغنى بها الكثير حتى أجدادنا لو حُرّكت أشجانهم لفاضت حباً وشوقاً لنجد بطريقتهم العفوية.

قيس بن الملوح، يطلق عليه مجنون نجد؛ فقال:

أأكر طرفي نحو نجد وإنني.. إليه وإن لم يدرك الطرف أنظر

حنينا إلى أرض كأن ترابها.. إذا مطرت عود ومسك وعنبر

مع كل هذا الهيام والعشق إلا أنها لم تكن أرض خصبة كبلاد الرافدين( سابقاً ) ، ولا ترف ونعيم كبلاد الشام ولم تكن بلاد مقدسات كالحجاز..

نحن جيل هذا العصر همنا في نجد ولكن لم نجد ما وجده السابقون، هل نجد تبدلت بنجد أخرى؟.. ليست لدي إجابة، كلكم تعرفون نجد اليوم وحالها الكئيب، نسأل الله أن يبدل الحال إلى أفضل حال..

الغريب في الأمر – وهذا محور حديثنا – زخم الشعر ونغمه ومدونات كتب الأدب غابت عن النفط ولاسيما شعراء وأدباء هذا العصر؛ عصر (أرامكو) وبناتها..

لولا النفط لما تركنا رعي الإبل والأغنام.. لولا النفط لما سكنا الدور وتركنا التنقل في الصحراء خلف مواشينا واستقرينا حيث ما تقتضيه أعلاف مواشينا.

لولا النفط لما سئمنا أجوائنا وتذمرنا منها يوم أن أجدادنا يطرحهم التعب في ذروة شمس الظهيرة  تحت رمثة ظلها لا يتعدى رؤوسهم.

لولا النفط لما اختفينا نهاراً بالقرب من نفحات المكيفات اللطيفة وخرجنا ليلاً فرادا وجماعات.

لولا النفط لما تباعدت القلوب وتفاقمت المشاكل الأسرية.. لولا النفط لما أصبح الكثير منا مستهلكين غير منتجين.

لولا النفط لما (تعايبنا) بعض الحرف المهنية.. لولا النفط لما اقتنينا أفضل السيارات وتفاخرنا بها.

لولا النفط لما زادت التكاليف والتنافس بها في الأفراح والمناسبات.. لولا النفط لما صيّفنا في مشارق الأرض ومغاربها.

لولا النفط لما تحمّلنا تكاليف المصايف مجاراة لميسوري الحال، ومن أجل أن ( نُسنّب ) ويرانا المقتدر وغير المقتدر.

لولا النفط لما كانت بين أيدينا أجهزة إلكترونية نتواصل وندردش مع بعض ونتبادل الرسائل ومقاطع الفيديو ونحن في بيوتنا، وربما ( نتهاوش ) ونسجل خروج من وسائل التواصل.

لولا النفط لما كنا ضمن مجموعة العشرين.. لولا النفط لما حسدنا العالم وتآمر علينا ( كافرهُ ومسلمهُ، أعجميّهُ وعربيّهُ ).

ما زلت عاتباً على أدبائنا وكتّابنا المعاصرين الذين لم يُنصفوا النفط كما ( دوّخوا ) رؤوسنا السابقين بتلك الصحراء القاحلة.

أنصفوا النفط بأعذب الشِّعر  قبل أن ينضب وتندبوا حظكم العاثر عند بقايا حطام معدات الشركات النفطية.

لو أجيد الشِّعر (لدوّختكم) بالنفط شِعراً كما (دوّخ) كل من امرؤ القيس والأعشى وزهير وعنترة أقوامهم في العصر الجاهلي.

وفي النهاية كُلّ ما سَبق تعبيراً مجازياً وإلا نجد غالية علينا؛ ولِمَ لا تكون غالية أرض الآباء والأجداد فقد ورثناها كابراً عن كابرٍ، وهي أرض التاريخ وهي التاريخ نفسه..

يا رب تحفظ بلادنا وتديم عليها الأمن والرخاء وجميع بلاد المسلمين، وإلى مستقبل زاهر بإذن الله.