علق الكاتب الاقتصادي محمد البيشي، على استحواذ الصندوق السيادي السعودي على نادي نيوكاسل، قائلا:”صباحكم إنجليزي.. ماذا يعني استحواذ الصندوق السيادي السعودي على نادي نيوكاسل؟ ولماذا هذه الصفقة تاريخية ومهمة استثماريا ورياضيا بل وحتى سياسيا ؟، كل ذلك في هذه الفضفضة التي تأتيكم على شكل “ثريد” واعذروا تقصيري”.

وأشار محمد البيشي:”دعونا ننطلق من التعريف بمدينة نيوكاسل وناديها العريق هي في الواقع مدينة تقع في شمال شرق إنجلترا بالقرب من البحر تميزت بكبر سوقها، ومعالمها التاريخية التي تعود بعضها إلى ما قبل الميلاد، واشتهرت المدينة بالحياة الليلة بعكس مدن إنجلترا، حيث فازت بلقب أفضل مدينة ليلية، لعدة سنوات”.

وأوضح:”شعب نيوكاسل والمقدر بنحو 400 ألف نسمة شعب مضياف ويحسن استقبال السياح والطلبة ويلقب سكانها بالجورديس وسبب تسميتهم بهذا الاسم يرجع للقرن 18 عندما ناصروا أهالي نيوكاسل الملك جورج بعكس أهل شمال إنجلترا الذين ناصروا ملك سكوتلاند، ومن الاسم جورج اخذ الاسم جوردي”.

ولفت:”المدينة التي تقع على نهر التين ويفصل هذا النهر بين مدينة نيوكاسل ومدينة جاتسهد ركزت على قطاع التعليم وأهملت قطاع السياحة والترفية في الألفية الجديدة ماجعلها تتراجع في سلم المدن السياحية على مستوى بريطانيا والعالم رغم ما تملكه من مقومات وارث تاريخي”، مبينا:”سنتحدث عن فرص الصندوق هناك.والان ننتقل بالحديث للنادي العريق والذي يتجاوز عمره اليوم 129 عاما ولن اتحدث عن القابه واشهر لاعبيه على اعتبار ان الكثير طرح هذه الزوايا”.

وأبان:” بل ساركز على الملعب والفريق وفرص الملاك الجدد لتطويره وبعضا من المفارقات خلال فترة مفاوضات الصفقة التي امتدت لنحو 16 شهرا ..بلغت قيمة الصفقة 305 ملايين جنيه إسترليني (1.5 مليار ريال)و يعد صندوق الاستثمارات السعودي الذي تبلغ استثماراته 430 مليار دولار وهو ذراع السعودية لتنويع نشاطها الاقتصادي بدلا من الاعتماد على النفط المالك الاساسي المسيطر بحصة تبلغ 80 ٪ فيما 20 ٪ وزعت مناصفة بين ستافيلي والإخوة”.

وذكر:”النادي الذي دفع لشراءه نحو 410 مليون دولار وهو مبلغ قليل قياسا بعراقة النادي والمكاسب المنتظرة في مدينة لاتعشق سوى نادي واحد، هو اليوم في المركز قبل الاخير وهذي برأيي يخفف الضغط على الملاك الجدد ويسمح لهم بتقديم الافضل خطوة بخطوة..عندما انطلقت المفاوضات وتعثرت لاسباب متعددة من بينهم المناوشات السياسية منظمات تدعي انها حقوقية وروابط كان نصف جماهير الفريق ضد الصفقة لكن اليوم الجميع مرحب بها”.

وتابع:”90 ٪ من جماهير النادي مع انتقال ملكية النادي للصندوق السعودي وفق بعض الاستفتاءات هناك أمس، والنادي اليوم ووفق قانون المال النظيف لديه فرصة لانفاق 200 مليون باوند على سوق الانتقالات ونسبة الديون في النادي تقترب من صفر وجماهير النادي لا تطالب بالكثير في المرحلة الراهنة فكل الظروف الاستثمارية والجماهيرية تسمح بتقديم الأفضل”.

وقال:” انتقال ملكية النادي للصندوق السعودي في هذا الظرف تحديدا أفضل مما كان عليه الوضع مطلع 2020 وفي وسط جائحة عالمية لم يكن العالم يعلم مداها كما أن الاقتصاد العالمي عاد لمسار النمو وعادت الملاعب ومن هنا فان فرص مضاعفة الاستثمار الان اكثر وضوحا واتصور انها ستكون أسرع مما خطط له”، موضحا:”القيمة السوقية للنادي يمكن أن تسجل صعودا أسرع من صعود النادي في سلم الترتيب لما للصندوق المالك من ثقل استثماري سيمكنه من تعزيز مصادر الدخل من جهة وتعظيم العلامة التجارية واعادتها للتوهج من جهة أخرى، وفتح منافذ إيرادات مبتكرة”.

واستكمل:”الاستثمار في النادي وفق تقديراتي لن يقتصر على النادي وملعبه التاريخي “سانت جيمس بارك” والذي اتخيله يحمل اسمه “أرامكو ” أو لوسيد و أكاديميته التي يمكن أن تنتج لاعبين بملايين الدولارات، كما فعلت سابقا وانتجت الأسطورة الن شيرار، .بل سيتجاوزن ذلك للاستثمار في المدينة وإنسانها”، مشيرا:”هنا نعود لنيوكاسل المدينة التي أتصور أن لدى الصندوق السيادي السعودي فرصة لإعادة وضعها على خارطة السياحة البريطانية والعالمية من خلال إعادة وهج النادي أولا على الساحة الأوروبية وبطولاتها ومن ثم جذب عشاق كرة القدم ثم لاحقا الولوج إلى قطاع عقاري وسياحي خامل ينتظر المستثمر الذكي”.

واختتم:”أما سياسيا..فرغم حرص المالك الجديد PIF التأكيد على أنه مستثمر يسعى لاقتناص فرصة ولديه استثمارات في جميع قارات العالم فإ ما واجهته الصفقة من جهات عدة خلال مراحل التفاوض تدعي انتهاك حقوق الانسان او الملكية الفكرية قد ذهب ادراج الرياح”،  وثبت عدم صحته وتمت الصفقة كما أرادها عرابها. ولكن بلا شك أن استثمار الصفقة كاحد قنوات القوة الناعمة للسعودية هو حق مشروع ومطلوب إذا سيكون الاستحواذ السعودي فرصة لتعريف المملكة المتحدة أولا وجمهور كرة القدم المحلي والعالمي بالسعودية على حقيقتها وهي أيضا فرصة لتعريف السعوديين بنيوكاسل الجميلة”.