الحديث عن الشباب حديث طويل وأمره خطير، لارتباطه بحاضر الأمة ومستقبلها ومشكلات الشباب هي إحدى الموضوعات التي يطول فيها الكلام لأنها موضوع قديم جديد مرتبط بجذور الماضي وبأحداث ومتغيرات الحاضر ونتائج المستقبل ، وآهات الشباب وصرخاتهم وابتساماتهم وما يحبون وما يكرهون، مجال للكثير من الدراسات ولعله من المعروف أن هناك الكثير من الأمور التي ينشدها الشباب ويطالبون بها بعضها قابل للاستجابة ،وبعضها مرفوض الاستجابة، وبعضها الآخر يحتاج إلى دراسات متأنية وخطوات عقلانية، وقد تبين من خلال العديد من نتائج الدراسات أن الشباب يحل مشكلاته بمشكلات اكبر نتيجة محدودية المعرفة وقلة الخبرة وتضارب الانفعالات، لذا فان دراسة مشكلاتهم ووضع الحلول المناسبة لهم أمرا بالغ الأهمية. وتعد مشكلة البطالة في الوقت الراهن إحدى أهم المشكلات الرئيسية التي تواجه دول العالم باختلاف مستويات تقدمها وأنظمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فلم تعد البطالة مشكلة العالم الثالث فحسب، بل أصبحت واحدة من أخطر مشاكل الدول المتقدمة التي باتت تشكل خطرا جسيما على شبابنا حتى أوشكت أن تهدد كيان المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لان خطورتها لا تكمن فقط في عدم الاستغلال الأمثل لقوة العمل القادرة على الإنتاج والعطاء وما يتضمنه ذلك من إهدار وتبديد للإنتاج ،ولكن تكمن خطورتها أيضا فيما يترتب عليها من آثار سلبية كانتشار ظاهرتي الإدمان والتطرف واتساعهما وازدياد الشعور بالإحباط واللامبالاة بين الشباب .
ثمة العديد من الوسائل التي يُمكن الاعتماد عليها من أجل الحد من هذه الظاهرة قدر الإمكان ولعل من أهم تلك الحلول نشر ثقافة احترام كافة المهن لا سيما أن العديد من الشباب ينظر لبعض المهن بدونية وهذه مشكلة تتعلق بالشباب ذاتهم ويجب توعيتهم بذلك ، كما أنه يجب إعداد وتأهيل الشباب لسوق العمل عبر توفير البرامج التدريبية والتأهيلية الجادة؛ حتى يكونوا قادرين على الالتحاق بفرص العمل المتاحة، وأداء المهام الوظيفية المنوطة بهم بكفاءة عالية وعلى الجهات المسؤولة في الدولة إعادة النظر في مسألة الأجور والعمل على إلزام الشركات بدفع رواتب مجزية تتناسب مع مؤهلات الشباب وتوفر لهم آمان وإستقرار وظيفي يلبي احتياجاتهم. ويعد تقنين استقدام العمالة الخارجية من أهم العوامل التي تسهم في توفير فرص أكبر لشباب الوطن وأبناءه.

أيضا لا نغفل نشر ثقافة الاستثمار والعمل الحر وتيسير سبله ومتطلباته، بل ودعمه وتيسير تمويل المشاريع الصغيرة، وخفض سعر الفائدة على القروض قدر الإمكان.
أخيرا، إن عبارة مجتمع بلا بطالة قد تكون مثالية نوعا ما، فلا يمكن القضاء على هذه المعضلة بين عشية وضحاها، بل يتطلب الأمر خططا إستراتيجية مبنية على دراسات علمية دقيقة يتم تنفيذها بشكل مرحلي لتؤتي ثمارها على المدى القريب والبعيد