عالم متسارع التغيرات و مليء بالابتكارات التي لا تعطي فرصة أو وقتاً للإنبهار بها أو التعجب مما وصل إليه الإنسان من تطور هائل في كل جوانب الحياة ، البعض منها أساسي و البعض جانبي و البعض الآخر ترفيهي أو أقل أهمية و من تلك الابتكارات برامج أو تطبيقات التواصل الإجتماعي و التي يكثر الحديث عنها و النقاش حولها و لن أتحدث عنها لذاتها أو عن فوائدها و أضرارها التي أكثر من أن تعد .

الملاحظ في السلوك المتغير لمستخدمي تلك التطبيقات و التحول الكبير في المصداقية عند التعبير عن المشاعر في مختلف المواقف محزنه كانت أم مفرحه بمجرد الضغط على مفتاح التصوير من كاميرا الجهاز المستخدم سواء كان هاتف متنقل أو أي وسيلة أخرى!

نرى الشخص يحاول أن يوصل مشاعره المبتذله إلى الناس لكسب التعاطف أو الإعجاب و يتصرف بطرق غريبه أحياناً فقط من أجل اكتساب العدد الأكبر من المشاهدات . صحيح أن أغلب الناس بطبيعتهم يسعون إلى كسب الإهتمام و جذب الانتباه و لا ضير في ذلك إن كانت تصدر بعفوية و دون تكلف أو تزييف أو تلاعب بمشاعر الآخرين ممن يشاهد أو حتى ممن يشارك في المشهد المقدم .

بمعنى أننا نجد البعض يشارك مناسباته الخاصة مع زوجته أو أطفاله أو إخوته أو أحد والديه أو أصدقائه أو مع أي فئة من المجتمع بعد التحضير المسبق و الذي يشابه أحياناً لاستوديوهات تصوير أهم الأفلام و المسلسلات للخروج بمشهد جميل مليء بالفرح و السعادة المزيفة أو مشاعر التعاطف المبالغ فيها فقط ليراها الآخرون ! و بمجرد انتهاء المشهد يعود الوضع و المشاعر الحقيقية إلى ما كانت عليه قبل البدء في التصوير و يسارع الكل إلى هواتفهم لرؤية ردة الفعل و مدى التفاعل مع ما تم مشاركته من لقطات دون المشاركة الحقيقية و التفاعل مع من حوله و كأن دورهم قد انتهى و الهدف من وجودهم قد تم توثيقه و لا يهم بقائهم من عدمه . أيضاً نرى البعض يهتم بإظهار مشاعر الحزن و محاولة إشراك الآخرين في ما يشعر به “إن سلمنا بصدق تلك المشاعر” دون سبب وجيه و بشكل مبالغ فيه .

الحديث هنا ليس عن المشاهير و الذين قد نبرر لهم ذلك “دون قناعه” بمحاولة ضمان الاستمرارية في عالم الشهرة ودائرة الضوء بنشر و مشاركة كل ما يحدث في يومياتهم ، لكن الغريب أن أغلب الناس أصبح مهووساً بالبحث عما يجلب الإهتمام و الإعجاب و التعاطف حتى على حساب مصداقية مشاعره مع نفسه أولاً ومع من يحب .

صدق المشاعر يجب أن تظهر لمن حولنا سواء في وجود الكاميرا أو دونها و لا يهم تفاعل الآخرون معها .