المجتمع الإنساني بطبيعته مجتمع متغير لا يثبت على حال واحد فالتغير الاجتماعي يعد من الحقائق المتأصلة في طبيعة المجتمع الإنساني والواقع إن مفهوم التغير ليس بالمفهوم الحديث بل إن الفكرة قديمة قدم الفكر الإنساني ومن اقوال الفلاسفة القدماء في شأن التغير مقولة الفيلسوف هيرا قليطس “إن من المستحيل على الشخص أن يلج نفس النهر مرتين”. وتأتي هذه الاستحالة لسببين أحدهما أن النهر ليس نفس النهر في المرتين والآخر أن الشخص ليس نفس الشخص في المرتين.(1)

ويعتبر التغير الاجتماعي خاصية تتميز بها الحياة الاجتماعية لأنه سبيل نموها وطريق يمنح التوافق والتجانس مع الواقع وبالتالي يتحقق التوازن والاستقرار في المجتمع المعني والمجتمعات التي تفقد قدرتها على التغير الكافي والملائم للظروف التي تواجهها وتعايشها لا تستطيع إن تقف طويلا أو تتنافس باقتدار وتكافؤ مع حركة المجتمعات، قال الله عز وجل “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ”   الرعد(11). أي إن الله لا يغير ما بقوم حتى يقع منهم التغيير.

ويعرف التغير الاجتماعي بأنه التحول  الذي يطرأ على البناء الاجتماعي خلال فترة زمنية معينة  فيحدث تغير في الوظائف والأدوار والقيم والأعراف وأنماط العلاقات السائدة في المجتمع يؤدي هذا التغير إلى نقل المجتمع من وضع اجتماعي إلى وضع اجتماعي أفضل منه ومن هنا يأتي دور التخطيط planning الفاعل الذي بدونه  لا يمكن إن يتحقق الهدف العام الذي يرمي إلى الارتقاء بالمجتمعات وتحسين أحوالهم المعيشية ومساعدة أفرادها على إشباع حاجاتهم وبالتخطيط السليم يمكن أحداث نقلة نوعية بالمجتمع من خلال نشر وإعداد البرامج التنموية بمختلف أنماطها وتخصصاتها وأهدافها فالتخطيط الاجتماعي أداة فعالة في نقل المجتمع من وضع إلى وضع أفضل وهو الوسيلة والطريقة والأساس الذي يعتمد عليه لتغير المجتمع والارتقاء به.

وتعتبر المملكة العربية السعودية إحدى الدول النامية وقد اتخذت  أسلوب التخطيط الشامل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال إعداد وتنفيذ خطط التنمية الخمسية, حيث أن لكل خطة أهداف معينة تحددت بحسب المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية ,وتعود بداياتها إلى عهد الملك فيصل رحمه الله وقد فاقت نتائجها كل التوقعات والتصورات وانتهجت تلك الخطط سياسات محددة تهدف إلى الحفاظ على القيم الدينية الإسلامية وصيانة الأمن الداخلي والاستقرار الجماعي ومواصلة النمو الاقتصادي المتوازن عن طريق تنمية موارد البلاد وزيادة الدخل من النفط على المدى الطويل و صيانة الموارد غير المتجددة, ولقد طورت المملكة العربية السعودية أجهزة التخطيط من حيث البناء والتوظيف ويمكن معرفة تطور تلك الأجهزة من خلال أربع مراحل  تتمثل فيما يلي: (2)

المرحلة الأولى: مرحلة البداية وإنشاء لجنة التنمية الاقتصادية (1376-1380م)

المرحلة الثانية: مرحلة إنشاء المجلس الأعلى للتخطيط (1380-1384م)

المرحلة الثالثة: مرحلة إنشاء الهيئة المركزية للتخطيط (1384 -1395م)

المرحة الرابعة: مرحلة إنشاء وزارة التخطيط واستكمال هيئة أجهزة التخطيط (1395-إلى الآن).

ومن هنا فقد أصبح التخطيط ضرورة حتمية لمختلف المجتمعات ووسيلة منظمة للوصول بها إلى التغير الاجتماعي الأفضل.