ربما يكون من يرتكب الأخطاء هو الأكثر قدرة على مشاركة الآخرين فيما استفاده منها!
يذكر المؤلف هال ايرمان في كتابه «قرارات تغيّر حياتك» أن لديه صديق كان يعاني من إدمان الخمر، ونتج عن ذلك خسارته لأسرته وطلاق زوجته، وخسر عمله وماله، ثم بعد أن ساءت حالته، قرر أن يتوقف عن هذا الدمار الذي حل به، فحضر جلسات نفسية كثيرة بغية التوصل إلى قرارات تغير من واقعه، ومع الإصرار والعزيمة توقف عن شرب الخمر، ثم عاد لعمله وحسًّن من وضعه المادي وعادت له زوجته، واشترى منزلاً ثم تقاعد بعد ذلك، وتفرغ لتقديم النصائح في مصحات مدمني الخمر، فهو الأنسب لكي يحدِّث المدمنين عن الآثار السيئة لإدمان الكحول.
هذا المبدأ الذي ذكره «هال» في كتابه هو مبدأ مهم تتخذه بعض الدول في توظيف أفراد من نوعيات معينة، ففي الغالب تجد ضباط المخدرات ممن كانوا من المدمنين السابقين؛ لأنهم الأقدر على التعامل مع هذه العينة ومعرفة خباياها وأسرارها.
وفي المجال الوظيفي تجد أن المعلم المشاكس والمتمرد هو إداري ناجح في المستقبل؛ لأنه مارس الأخطاء وتعامل مع ظروف مهنية مختلفة تجعله ذا خبرة نوعية تؤهله للقيادة بنجاح، وطبعاً هذه ليست قاعدة، ولكن من خلال مشاهدات الميدان التعليمي نجد أنها تنجح مقارنة بالمعلم المثالي (الكيوت) الذي يتأهل بشهاداته وبدرجات انضباطه ويتفوق على ذاك، ولكنه ما إن يتسلم القيادة والإدارة حتى يجد صعوبة في التعامل مع الظروف المستجدة، والحال كذلك لاختيار الضباط في كلياتنا العسكرية، فالتقدير والمظهر العام هو الأساس في الاختيار(طبعاً لن أذكر المعايير الأخرى)، بينما يُستعبد من حصل على مقبول ولديه سيرة غير حسنة، والحقيقة أن أصحاب التقديرات المرتفعة والسلوك المنضبط ربما نحتاجهم في تخصصات تحتاج لمثل هذه المميزات مثل الطب والهندسة والصيدلة وغيرها، ومهنة العسكرية تحتاج لجلد وقوة ربما لا تتوافر لتلك النوعية.
ففي الحرب لا أحتاج ضابط (كيوت)، أحتاج لضابط لديه قلب الأسد، ودهاء الثعلب، ومكر الذئب؛ حتى ولو كان تقديره في الثانوية «مقبول»، هل تتفقون؟