لكي تُنتج أمة عاملة وطموحة فإن اللبنة الأساسية هي التعليم… ولكن! التعليم ليس بمفهومه الدارج في اوساط مجتمع الشرق الأوسط بل أقصد بالتعليم بالمفهوم الذي يحبه الإنسان ويرى فيه شغفه ويكرس من خلاله حبه للبحث والاستطلاع لأن الإنسان في تكوينه الأساسي جُبل على الفضول وحب الإطلاع.

فلماذا؟؟

فلماذا تعليمنا بالشرق الأوسط شتت هذا الحب؟ وبدد هذا الفضول في إجبار الإنسان على تعلم مالا يريد أن يتعلمه؟ ويستذكر الكثير من المواد التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع! مواد لا تضيف إلى حياة الفرد الواقعية شيء! مواد للحشو فقط.

ماذا لو؟

ماذا لو تبنّت المدرسة الطالب منذ المراحل الأولى من خلال التقييم وتقديم التقارير الإستنتاجية؟

ماذا لو بحث المعلم عن شغف الطالب؟

ماذا لو أستكشف قدرات وإمكانيات كل طالب ومواهبه؟

للمساهمة في معرفة ماذا سيصبح بالمستقبل؟

أليس ذلك أولى من أن يفرغ المعلم ماتعلمه ويعيد تدويره لهذا الطالب؟

ويُجبره على تبني نفس الأفكار التي تبناها من المعلم مسبقًا.

ناهيك عن إتباع طُرق التدريس البالية، والتي تعتمد على التلقين، والنسخ واللصق!

ماذا يحدث؟

لماذا أصبحنا أمة ثابتة في مكانها ولم تتقدم خطوة إلى الأمام؟

هل تعلمون لماذا؟

لأن التعليم أصبح حلقة مفرغة، وإعادة تدوير ثم تدوير ثم تدوير في حلقة مفرغة إلى مالا نهاية حتى أُصيب المجتمع بالتُخمة من النُسخ المكررة والمتشابهة لبعضها البعض.

فلا يكاد الطفل يتجاوز المراحل الأولية حتى يتشبع بأفكار وبعلوم لم ولن تخدمه بالمستقبل ويشحن عقل ذلك الطفل ويقتل فيه حب الإطلاع بسبب إكراهه على إعادة تدوير أفكار من سبقوه وما يكاد أن يصل هذا الطفل إلى المرحلة المتوسطة حتى نجده ينحدر في المستوى التعليمي، ولم يعد يتقبل التعليم نهائيا فأما الثانوية وما أدراك ما الثانوية!.

فهي جرس الإنذار والخطر حيث يصبح هذا الطفل شاب فيتحول إلى شاب ملول، كشَبح ليس له ظل شاب شاحب، مسلوب الحيوية والطاقة وروح الشباب، يستيقظ في الصباح الباكر، ويذهب إلى سجنه حتى نهاية النهار ويكرر نفس الأشياء السابقة يستمع إلى المعلم الذي يُفرغ ما قرأه من الكتب المدرسية لا جدال، لا نقاش، سوى سرد لمعلومات قديمة وبالية ومُكررة، مخالفة للتقدم العالمي الذي نعيشه.

فتأتي الاختبارات ويقوم الطالب بلعب دور الناسخ اللاصق لتلك الأفكار والمادة العلمية التي تلقنها من معلمه وكتابه المدرسي لا شيء يجذب أو يلفت انتباه الطالب… لاشيء يُشعل فيه شغف البحث.

وعندما يتماسك ذلك الطالب الشاب ويعبر تلك المرحلة “مرحلة الثانوية” والتي نادرًا من يعبرها بسلام! يصل إلى المرحلة الجامعية مُنهك من اختبارات التحصيلي والقدرات.

حتى يُقبل بأحد الجامعات، فيجد نفسه بين المطرقة والسندان! بين “عضو هيئة تدريس” يفرغ طاقة غضبه المريضة في هذا الطالب المسكين.

وبين “قانون” لا يحمي الطالب لأن من صنع هذا القانون المتحيز هو نفسه من كان عضو هيئة تدريس في يومٍ ما.

دعونا نضع نقطة هاهنا ونفترض أن هذا الطالب مر من هذه المراحل والأشبه بمراحل “لعبة سوبر ماريو” لنفترض أنه مر منها بسلام! دعونا نخضع هذا الطالب لطبيب نفسي!! كم سيجد ذلك الطبيب من الأمراض النفسية والاضطرابات الانفعالية والتي يعاني منها الطالب؟ نتيجة القمع والكبت، والقهر التي تعرض لها لفترة ومرحلة ليست بالقصيرة، وليست بالهيّنة من حياته قد نجده مدمن! أو قد نجده شخص فاشل في حياته الزوجية، أو في حياته الإجتماعية.

وهذه ليست أمثلة من ضرب الخيال، بل من الواقع… فجميعنا مررنا بالمرحلة المدرسية والجامعية حتى أصبحت المنظومة التي أُصيبت بالشيخوخة تلك التي أُصيبت بالزهايمر.

أصبح من الواجب علينا أن نطالب في كل منطقة تعليمية أن يكون لها مكتب يختص بإستكشاف الموهوبين والمُميزين ومكتب آخر يختص بشكاوى الطلاب وبالقضايا القانونية وواجب أن يوجد في كل منطقة تعليميه أخصائي إجتماعي، واخصائي نفسي لتقييم حالة بعض الطلاب الذين يعانون من تعثر التعليم وأن يكون المكتب القانوني ذا إدارة منفصلة مستقلة يشرف عليها برنامج سمو ولي العهد بما يتلاءم مع رؤية ٢٠٣٠.

أما بالنسبة للجامعات فيجب وضع حد لتلاعب بعض من أعضاء هيئة التدريس بالقوانين، والتي تضع الطالب في (كُم وتُخرجه من كُم آخر).

ويجب أن تكون هناك إدارة قانونية محايدة تخضع مباشرة لبرنامج ولي العهد برنامج “تنمية القدرات البشرية HCDP”.

ويجب أن يكون هناك مكتب لنزاهة داخل كل جامعة لتحمي الطلبة من الفساد الإداري واللوبيات المتوغلة داخل بعض من الجامعات.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر الطلبة المساكين.