هب أن رجلا يحمل حقيبة بالقرب من مستنقع مليء بالماء الملوث والجراثيم الفتّاكة ثم يفتح حقيبته ويلبس ملابس يبدو بأنها من أرقى الموديلات وأنظفها ويتطيب بعطر معه ثم يتجه باختياره نحو المستنقع ويسقط فيه،هل من يقوم بهذا الفعل عاقل ؟! قد يستطيع هذا الرجل أن ينقذ نفسه ويخرج من المستنقع لينظف ملابسه ويعالج نفسه، وقد يغرق في ذلك المستنقع ،ويخرجه المنقذون جثة هامدة لا حياة فيها؛ هكذا العاصي .. يسقط في الذنوب والمعاصي فيصوم ويصلي ويتصدق ثم يلوث نفسه بالإصرار على المنكرات . إنّ هذا الإنسان إمّا أن يسارع بالتوبة النَّصوح والتائب من الذنب كمن لا ذنب له أو يتمادى ويُصرُّ على ارتكاب المنكرات والذنوب فيظلم نفسه قال تعالى : (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)؛ ومن المنكرات التي يلوث بها الإنسان نفسه كبيرة من الكبائر تنزع الإيمان من فاعلها وتحْرِمُه استجابة الدعاء وتصيبه بالأوجاع المهلكة التي لم تعرف من قبل، .. إنه ذنب عظيم تقشعر منه الأبدان ويغضب منه الواحد الديان غضبًا شديدا فيعجل بالعقوبة للمذنب في الدنيا مع ما ينتظره من عقاب في القبر وفي الآخرة إذا لم يتب توبة نصوحا .. إنّها معصيّة وأي معصيّة تورثُ الفقرَ ،وتفسد البيوت وتضيع الأنساب وتدمّر المجتمعات ؛ الزنا من أسوأ المعاصي وأقذر المنكرات ، إنّ العلاقات الجنسيّة المحرّمة التي تكون بين الرجل والمرأة بدون عقد زواج شرعي هي من أقبح الفواحش قال عز وجل : ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ ولعظم جرم هذا الذنب أمر الله عز وجل برجم الزاني المحصن حتى الموت فقد أنزل سبحانه آيات الرجم فنسخ لفظها وأبقى حكمها؛ولقبح هذه المعصية ولشناعتها لم يكتف الله تعالى بجلد الزاني البكر فقط بل أمر بأن يشهد الناس هذه العقوبة وأمر بأن لا تأخذنا الرأفة والرحمة من تطبيق حدوده في الزناة والزواني وأن نقيمها بكل حزم وشدة وقوّة قال تعالى في سورة النور : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .

الزنا من أقبح الفواحش لذلك عندما خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمّته بأن يدعوا الله ويكبّروا ويتصدقوا ثم خص فاحشة الزنا بالذكر عن سائر الفواحش قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( يا أمةَ محمدٍ، واللهِ إنه لا أحدَ أغيرُ من اللهِ أن يزنيَ عبدُه أو تزنيَ أَمَتُه، يا أمةَ محمدٍ، والله لو تعلمون ما أعلمُ لضحِكتُم قليلاً ولبكيتُم كثيراً).

الزناة والزواني يتطيبون ويتعطرون لبعضهم البعض و تأملوا إلى رائحتهم النتنة وعقوبتهم في الآخرة قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( بيْنما أنا نائمٌ إذ أتاني رجُلانِ فأخَذا بضَبْعَيَّ فأتَيا بي جَبلًا وَعْرًا فقالا لي : اصعَدْ…) إلى أن قال ( ثمَّ انطلقَ بي فإذا أنا بقَومٍ أشدَّ شيءٍ انتفاخًا ، وأنتَنَهُ ريحًا ، كأنَّ ريحَهُم المَراحيضُ . قلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ قال : هؤلاءِ الزَّانونَ والزَّواني)

تعال أوشوشك : عندما تنصح أحدهم بأن يتق الله في الخدم وأن يحذر من الاختلاء بالخادمات والسائقين يرد عليك بأنك متخلف هل يعقل أن انظر إلى خادمة؟! ؛ ..تأملوا معي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( ألا لا يخلوَنَّ رَجلٌ بامرأةٍ إلَّا كان ثالثَهُما الشَّيطانُ) ، والانفراد بالمرأة الأجنبيّة أو رجل أجنبي محرّم سواء في غرفة أو مكتب، فالخلوة خطيرة ونهايتها وخيمة اسمعوا لكلام التابعي عطاء ابن أبي رباح – رحمه الله تعالى –وهو الزاهد والفقيه العابد ، وكان مفتي الناس في زمنه يقول : ( لَوِ ائْتُمِنْتُ عَلَى بَيْتِ مَالٍ، لَكُنْتُ أَمِيْناً، وَلاَ آمَنُ نَفْسِي عَلَى أَمَةٍ شَوْهَاءَ) هذا العالم عطاء يقول هذا الكلام في القرون المفضلة يخاف عل نفسه من فتة أمة قبيحة فكيف بنا نحن في هذا الزمن ؟!