قال الباحث الشرعي في البحوث الشرعية الفلكية، المشارك في حساب الأهلة وفصول السنة ومواسمها وظروفها المناخية، ماجد ممدوح الرخيص، إن عدة شهر شوال الماضي كانت غير تامة “29” يوماً، وكان غرة شهر ذي القعدة يوم الجمعة الموافق 11يونيو الجاري.

واستشهد على صحة ذلك بأن دخول الشهر ثابت بالحساب، وليس بالرؤية، وقد غاب الهلال بمنزلة “الهقعة” في برج الجوزاء، وهو الغالب في حال العالم، لأن الهلال يمكث مدة كافية لرؤيته في أقصى مغيبه من الأرض في الجهة الغربية.

وأضاف أن الأرض خلقها الله كالبساط الواحد المتماسك، له بداية ووسط ونهاية، وسير الزمن غير متوقف في مكان واحد، فإنه يدفع بعضه بعضاً، ماراً بجميع أجزاء الأرض، ويبدأ من حيث انتهى إلى أن تقوم الساعة.

ولفت إلى أن الإعلان التعبدي لرؤية الهلال المنصوص عليه بالأدلة الشرعية في بدء الصيام والفطر لا نتجاوزها لوجود الأدلة الشرعية، أما شهر شوال ليس بالمنصوص عليه بلزوم رؤية الهلال.

أوضح الباحث الشرعي مفاهيم حسابات وردت بالشرع منها قول الله تعالى {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } الرحمن آية: ٥، وعن عكرِمة عن ابن عباس الذي قال ( بحساب ومنازل يرسلان)، وعن ابن وهب الذي نقل عن ابن زيد، ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ )، يحسب بهما الدهر والزمان لولا الليل والنهار، والشمس والقمر لم يدرك أحد كيف يحسب شيئا لو كان الدهر ليلا كله، كيف يحسب، أو نهارا كله كيف يحسب.

كما فسر الباحث قول ابن سعدي :”خلق الله الشمس والقمر، وسخرهما يجريان بحساب مقنن، وتقدير مقدر، رحمة بالعباد، وعناية بهم، وليقوم بذلك من مصالحهم ما يقوم، وليعرف العباد عدد السنين والحساب”، وكذلك حديث:”إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا. يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وعِشْرِينَ، ومَرَّةً ثَلَاثِينَ”.

وأبان الباحث الشرعي أن المفسرون اتفقوا كلهم على أن الزمن يحسب بالحساب، وأن حديث إنا أمة أمية، فهو إقرار لضبط الشهر بالحساب بوجه عام لجميع شهور السنة، عدا ما تم تخصيصه برؤية الهلال.

وتابع : الاجتهاد باتمام الشهر لايكون إلا بوجود الاشتباه وليس عند اليقين، ومخالفة الحساب بحال اليقين جهل بسنة المصطفى ﷺ ، ويكون مدخلاً للأخطاء، كما حصل عند البعض بإتمام شوال وهو غير تام، وعلى ذلك الاجتهاد سوف تكون عدة شهر ذي القعدة “29” يوماً بدلاً من “30” يوماً، أو يتم استمرار الخطأ باحتسابه “30” يوماً فيدخل على ذي الحجة، ويتغير يوم عرفة من الإثنين يكون الثلاثاء، بدلاً من يوم النحر، هذا عقاباً لمن ترك اليسير في الحساب، واختار الأمر الصعب للأمة، بغير دليل”.

وأضاف :”لأن رؤية هلال ذي الحجة لا تتم في الوطن العربي، إلا بصعوبة بالغة، لصغر عمره، بـ” 15″ ساعة فتكون فرصة رؤيته بعد مغيب الشمس “11”دقيقة فقط، في الأفق بمنطقة الشفق الأحمر، وتقدر إضاءة الجرم 0,5٪؜، يعني من الواحد بالمئة يظهر “5” أجزاء، ويختفي منه” 95 ” جزء، بتوقيت مكة المكرمة، مع أنه رؤيته غير مشروطة، لكن هذه نتائج الاجتهاد الخاطئ بإتمام عدة شوال وهو غير تام”.

وأكد أن حال المسلمون اليوم غير موافق لحال الأمة الأمية، بل لديهم في الحساب والفلك العلم الدقيق الذي يمنعهم من الخطأ تحت مظلة الاجتهاد الخاطئ، ومن الخطأ اعتقاد شرط رؤية الهلال لصحة دخول أشهر الحرم قياساً على هلالي رمضان والفطر، لأن ذلك اشتراطاً بغير محل الاشتراط، فأحياناً يترتب عليه إفطار أول أيام رمضان، وصيام أول أيام الفطر، وتطويف يوم عرفة، ليوم النحر، ومن المعلوم بأن الحج عرفة، فهذه الأمور،تجعل الأمة في حرج، لذلك لا تقاس عجلة الزمن على التصور الحسابي الخاطئ، إنما تقاس على أصول وقواعد صحيحة.

وأشار إلى أن ترتيب الأيام الزمنية في الشهر وحساب كل يوم يبدأ من مغيب الشمس إلى مغيبها التالي، فالليل يكون من مغيب الشمس حتى طلوعها، والنهار يكون من طلوع الشمس إلى مغيبها، ليشمل ذلك حساب الليل والنهار، ولسعة رقعة ومساحة الأرض لا يكون طلوع الشمس في وقت واحد لجميع الأرض، ولا المغيب كذلك، بل يكون بالتدرج بفارق زمني مقدر، فمن غابت شمسه انقضى يومه، لأن الهلال في منتصف الأرض، إذا غاب بعد مغيب الشمس ولو بيسير بعد ولادته، فإنه يحسب يوماً جديداً، وعلى أهل المشرق أيضاً، حتى لو غاب عندهم قبل مغيب الشمس بقليل،كحال هلال ذي القعدة.

وأكد أن عدة شهر شوال 29 يوماً، وذو العقدة 30 يوماً، وذو الحجة 29 يوماً، ويجب أن تترك كل الاجتهادات التي لا تعتمد على أدلة شرعية وفلكية، لأن الخطأ إذا أقره المجتمع صار قاعدة يبنى عليها حسابات الأمة على غير وجه مشروع.

وأوضح ضابط مهم لمعرفة صحة دخول الشهر الجديد، فإذا كان هناك إتمام كحال البعض بإتمام شهر شوال بغير ضرورة شرعية، فإذا أردت أن تحسب يوم المتمم الـ “30 ” للذين أتموا الشهر، من ولادة الهلال تجده أكثر من “24” ساعة، تجده “29”ساعة تقريباً، كالشهر السابق، إذ يفترض أن اليوم الذي يختم فيه الشهر أن يكون أقل من ٢٤ ساعة، لأن اليوم الجديد يأخذ من ساعاته، إلا إذا غاب الهلال آخر يوم من نهاية الشهر، أثناء ولادته مع غياب للشمس،في وسط الأرض، فيكون اليوم الجديد، وبهذه الحالة “24 ” ساعة

وأكد أنه يصح أن يختم آخر يوم من آخر الشهر بأقل من “24 ” ساعة ولو بكثير، كشهر شوال السابق، لذلك أصبح يوم واحد ليلة ثاني من ذي القعدة “29” ساعة تقريباً، لأن نقص اليوم الجديد يجبر لما قبله، وهو الصواب لوجود الأدلة، والله أعلم، فمن يريد أن يوقع الأمة بالخطأ والحرج، باشتراط إتمام شوال وهو غير تام، ليس له خياراً من أمره، إلا أن ينسحب عن رأيه الحسابي، لعدم وجود الأدلة، لكي لا يستمر الخطأ.