أكد المحلل الاقتصادي عبدالحميد العمري، أن دمج مؤسسة التقاعد في التأمينات الاجتماعية، يعد نقلة مهمة.

وقال العمري: “يؤمل أن تتجاوز المؤسستين بالدمج، عديدا من التحديات التي واجهتها طوال أكثر من خمسة عقود مضت، وهي تحديات أكبر بكثير من مجرد حصرها في التقاعد المبكر الذي حتى لو ألغي لن تحل به المشكلة”.

وفند العمري عدة حلول من وجهة نظره قائلا: “معالجة العجز لدى التقاعد، والمحتمل لدى التأمينات، يبدأ من معالجة أمرين هامين جدا: استراتيجيات الاستثمار، ورفع عوائد الأصول لدى الصندوق التقاعدي”.

وأضاف: “معالجة وتصحيح القرار الذي تم اتخاذه في 1407هـ للتأمينات الاجتماعية بإلغاء فرع المعاشات على غير السعوديين العاملين في القطاع الخاص”.

وتابع العمري: ” يمتلك الصندوق التقاعدي الآن نحو 1.0 تريليون ريال كأصول، تتوزع بين أصول مالية وأخرى أراضي وعقارات، وبمقارنة العوائد مع حجم الأصول تعد متدنية جدا، وسبب ذلك أن جزءا كبيرا منها مجرد أراضي (لا تدر عوائد) تم شرائها خلال خمسة عقود مضت بأثمان رخيصة، واليوم هي بقيم سوقية مرتفعة جدا”.

واستكمل: “فقا لما سبق؛ يمكن للصندوق التقاعدي رفع عوائده بنسب كبيرة جدا، بقيامه بتطوير الأراضي ذات المواقع الممتازة، وتحويلها إلى عقارات مدرة للربح (إيجارات)، وتمويل تلك المشاريع العملاقة المطلوبة بالتخارج من ملكيات الأراضي الأقل أفضلية كموقع، ودون الحاجة للاقتراض من أي جهة كانت”.

ورأى العمري أنه وفق سيناريو تحويل أصول خاملة (أراضي) إلى أصول عقارية مدرة للعوائد من الإيجارات بما قيمته 500 مليار ريال، يمكن أن يحقق الصندوق التقاعدي عوائد سنوية تناهز الـ 50 مليار ريال سنويا، وقابلة للزيادة مستقبلا، والأمر الإيجابي هنا أن العوائد ستمتد للاقتصاد الوطني والمجتمع بأكملهما.

وأشار إلى أن التحوّل المطلوب تحقيقه في استراتيجية الاستثمار للصندوق التقاعدي، عدا أنه سيجلب المزيد من تدفقات الأموال إليه فهو أيضا سيكون محفزا لنشاط الاقتصاد وإيجاد الآلاف من فرص العمل للمواطنين (سيسهم توظفيهم بزيادة عوائد اشتراكات التقاعد) ويحرر المزيد من الأراضي المحرومة من الانتفاع، على حد قوله.

وتابع: “أما بالنسبة لتصحيح قرار إلغاء فرع المعاشات على غير السعوديين في القطاع الخاص في 1407هـ، فالمطلوب إعادته على كاهل المنشآت التي تستقدم وتوظف غير السعوديين!! وإلزامها بدفع 9% على أجور عمالتها ودون سقف أعلى كالسعوديين، ودون استقطاعه من العامل الوافد، فقط يكون على المنشأة ولهذا هدف أن الوظيفة التي يشغلها الوافد في القطاع الخاص في الأصل كانت لمواطن أو مواطنة، ويجب أن تتحمل المنشأة وأصحاب الأعمال ضريبة عدم توظيف مواطنين فيها، وحرمانه من ميزة عدم توظيفه لهم لأنه لا يدفع حصته من التقاعد بتوظيفه وافدين، يتحمل عنهم فرع الأخطار المهنية فقط”.

واستدرج قائلا: “لو عدنا للوراء منذ 1407هـ حتى تاريخه، فقد كان قرار إلغاء فرع المعاشات على غير السعوديين، وإعفاء القطاع الخاص منه واحدا من أهم أسباب زيادة الإدمان على العمالة الوافدة، ومن أسباب ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين.. وحان الوقت لتصحيح هذا القرار وتحميل تكلفته على أصحاب الأعمال”.

وأوضح أنه يجب إلزام المنشآت وأصحاب الأعمال بدفع 1% من أجر كل عامل وافد لديهم، لتغذية حساب (ساند)، وبموجب الحجم السنوي لأجور الوافدين في 2020م الأكثر من 168.6 مليار ريال، فمتحصلات التقاعد ستصل إلى أعلى من 15 مليار ريال سنويا، والرقم قابل للزيادة مع زيادة التوطين وتحسين أجور السعوديين.

وأضاف: “إذاً أمام الصندوق التقاعدي طرق وخيارات واسعة جدا لمعالجة عجوزاته، وحينما نتحدث عن متحصلات تتجاوز 75 مليار ريال سنويا، ومرشحة للارتفاع بنسب مطردة مستقبلا، أعتقد أن الحديث بعد كل ما تقدم ذكره أعلاه عن (التقاعد المبكر) كسبب للعجز أصبح محكوما عليه بالنفي التام 100%”.