قال الله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون)

لكل منا نظرة مختلفة عن الحب تتأثر بعوامل عدة منها العمر والنشأة والمحيط والبيئة والمؤثرات الخارجية وأيضا التجارب الحياتية.

ما هو الحب وكيف فسره علماء النفس؟

ترى كارن هورني بأن الحب الحقيقي لا يقدر بثمن، وأنه توجد أصناف كثيرة من التقليد الرخيص التي تحمل اسم “الحب” وتقرّ هورني أن الشكل الحقيقي للحب يصعب تعريفه، ولكنها تقبل بالمفهوم الشائع للحب وتُعَرفه على أنه “القدرة على أن تعطي من نفسك تلقائياً لحاله أو لفكرة بدلاَ من الحصول على كل شيء لنفسك بطريقة أنانية”

حيث يرى روجرز أن المعنى الأشمل والأعمق هو أن تكون مفهوماً بعمق ومقبولاً.

ويرى فرويد أنه حين يزداد الحب ينخفض حب الذات والعكس صحيح.

اتفق معه في ذلك لأنه في حالة كان الحب حقيقي وخالص يكون العطاء لامحدود ودون مقابل وتتلاشى

الأنانية، وأحياناً يكون هذا العطاء على حساب أنفسنا.

برأيي أن هذا النوع من الحب لا يستمر وبأن الحب يكون بأفضل حالاته حينما نكون قد وصلنا لمرحلة تحقيق الذات ويكون تقديرنا لذواتنا في أفضل حالاته.

التوازن في كل شيء مطلوب حتى في بذل المشاعر.

هل الحب محرم!؟

“كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا»”

الحب من الأرزاق المقسومة وهي مشاعر خلقها الله في كل منَّا، خلقها نقية طاهرة صادقة لها صور متعددة

إن تخللها الكذب والخداع والفجور فهي من النفس، أخذها البشر نقية وشوهها بالرغبات الأنانية أتحدث هنا عن الحب الحقيقي الطاهر العفيف.

حب الأرواح التي إن تلاقت أصبحت روحاً، واحدة، ونبضاً واحداً.

الحب هو العطاء بلا حدود وبلا مقابل هو مودة ورحمة وغفران مستمر لِلزَّلاَّت وتقبل للعيوب والأخطاء

هو أن تترك أثراً جميلاً في نفس الآخر وقصة لا يمحوا أثرها الزمان والوقت، ومشاعر يفوح عطرها

ولا يبرد في كل ذكرى وكل وقت، مشاعر صادقة وحقيقية تخلوا من الكذب والخداع والألاعيب.

هذا النوع من الحب سوف تقرأ عنه، ولكن يصعب عليك إيجاده في هذا الزمان وخاصة في مجتمعاتنا التي

ما زالت تتمسك بالعادات والتقاليد المتناقضة.

بنظري يندر وجود الحب الحقيقي في مجتمعاتنا التي غلب عليها وتآلفت على الخداع والمراوغة كطريقة

لجذب الأنثى وإيهامها بمشاعر بعيدة كل البعد عن الحب والصدق.

مشاعر زائفة ومؤقتة تنتهي بإيجاد الشخص الأفضل أو الأحدث.

لست من محبي التعميم لذلك استخدمت كلمة يندر وليس مستحيل.

بالمقابل لو نظرنا لمجتمعات أخرى لوجدنا تفاوت أكثر، خطوبة تستمر لسنين طويلة يتحمل كلاهما ظروف الآخر ويظل كل طرف وفياً حتى تتوج بالزواج.

متحابان مختلفان بالعرق واللون اجتمعت قلوبهما التي لا تميز بين عرق ولون ونسب وقبيلة ولم يقف أحد

ضد ارتباطهم.

أرى بأن هناك خلل في منظورنا للحب في مجتمعنا ويعود ذلك إلى طريقتنا في التنشئة العاطفية لأبنائنا

أو انعدامها.

غياب هذا النوع من التربية العاطفية من الأهل يجعل الأبناء حين بلوغهم النضج العاطفي بالبحث عن

معاني لهذه المشاعر من حولهم، قد يستمدونها من الأفلام أو من كلمات الأغاني أو من تجارب الأصدقاء

التي في كثير من الأحيان قد تؤدي لسلوكيات خاطئة وفهم خاطئ للحب ولعلاقة الجنسين ببعضهم البعض.

وكذلك عدم إظهار العاطفة أمام الأبناء وإعطائهم الانطباع بأنها تصرفات معيبة ولا يجوز إظهارها أمامهم

يخلق نوع من التناقض بداخلهم حيث يجعلهم عاجزين عن فهم هذه المشاعر التي حتماً سوف يكونون

مضطرين للتعامل معها يوماً ما.

كل هذه التناقضات والغموض والتخبط في تفسير هذه المشاعر التي خلقت بداخلنا يخلق خلل في العلاقات

على المدى البعيد ومنها ينتج تعدد العلاقات السطحية والدخول في علاقات للتسلية أو للتجربة.

إذا لم نكن واعين لماهية مشاعرنا لن نستطيع أن نستقبل الحب وبالتأكيد لن نكون قادرين على إعطائه

مما يعرض أطراف العلاقة لسلسلة مستمرة من خيبات الأمل وسوء الظن والتخلي وفقدان الثقة بالآخر.