لا تزال كلمات الملك خالد بن عبد العزيز – طيب الله ثراه – حينما اقتحم جهيمان العتيبي ورجاله المسجد الحرام عالقة في الاذهان يذكرها التاريخ مهما طال الزمن، فبينما كان المسلمون ينتظرون اليوم الأول من العام الهجري الجديد 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979، فاجأهم جهيمان العتيبي ورجاله باقتحام المسجد الحرام واحتلاله حاملين عددًا من النعوش الممتلئة بالأسلحة.

عاش الملك خالد بن عبد العزيز في حالة من الأسى متعجباً من أن يهاجم الحرم المكي، فكان يردد “لماذا الحرم؟ إلا الحرم، لماذا لم يهاجموا قصري”، فيما كان استنفار قوات الأمن والجيش والحرس الوطني لمحاصرة القوة التي استحلت الحرم المكي، وهيأت القوات نفسها للاقتحام.

لكن صدرت توجيهات الملك خالد بالحرص على سلامة المحتجزين داخل الحرم وسلامة مبنى الحرم وإعطائهم فرصة الاستسلام, فتمت المناداة عليهم بالميكروفونات من خارج الحرم, فكان توجه الحكومة لحل المشكلة وديًا مع جهيمان, ويكون بالاستسلام والخروج من الحرم وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين إلا أنه رفض.

في هذه الاثناء حضر إلى جدة الأمير فهد بن عبد العزيز – ولي العهد في ذلك الوقت ليكون على مقربة من الإشراف على تلقي تعليمات وتوجيهات الملك خالد بن عبد العزيز، وتولى الإشراف نفسه كل من الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والطيران المفتش العام، والأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، فكانوا يشرفون بأنفسهم على تنفيذ العملية حسب توجيهات الملك.

وفي 15 محرم عام 1400هـ نفذت قوات الأمن والجيش والحرس الوطني بتوجيهات من الملك خالد عملية تطهير استمرت يومين بعد أن تمت محاصرة المجموعة المسلحة في أضيق نطاق وفي أقل مساحة ممكنة وبعيدٍ عن الكعبة الشريفة وفي مكان لا يتأثر منه الحرم إذا حدثت اشتباكات

وتبادل الطرفان إطلاق النيران الكثيفة وأصاب المسجد الحرام ضرر بالغ جرّاء هذه الأحداث, وعندما نفد صبر الحكومة تدافعت قواتها معزّزة بالقوات الخاصة في هجوم شامل فسقط منهم الكثير وكان ممن سقط قتيلاً محمد بن عبد الله الذي كانوا يدعون أنه المهدي المنتظر؛ وبسقوطه قتيلاً صُدم أتباع جهيمان صدمة كبيرة فالاعتقاد بين المسلمين أن المهدي لا يقتل فبدؤوا بالانهيار والاستسلام تباعًا.

وبعد ذلك تمكنت القوات الخاصة وبعض من القوات المسلحة وقوات الأمن والحرس الوطني من تضييق الخناق عليهم ومطاردتهم من رواق إلى آخر حتى استسلموا بعد أن وجد من بقي منهم أحياء بأنه لا سبيل ولا مهرب أمامهم من الاستسلام وفي مقدمتهم زعيمهم جهيمان العتيبي؛ وذلك بعد سبعة عشر يومًا من بدء العملية.