أكد فضيلة الشيخ الدكتور بدر بن علي بن طامي العتيبي عضو هيئة التدريس بمعهد الأئمة والخطباء بالرياض أن الإسلام يحث على كل فضيلة، ويحذر من كل رذيلة، وهو دين جماعة ورحمة، ودينُ أخوة وتعاون، ودينُ شهامة وشرف، فيه احترام الكبير، وعون الصديق، ورعاية الصغير، وعيادة المريض، وإغاثة الملهوف، وفكّ العاني، وإمهال المعسر، وخدمة ابن السبيل، وحفظ عهود الجار، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والتزام العقود، يقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71]. مشيراً إلى أن من عظيم الصدقات التي يتصدق بها المسلم على المسلم بل على نفسه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «على كل مسلم صدقة»، فقالوا: يا نبي الله، فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده، فينفع نفسه ويتصدق» قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف» قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة.

وقال الداعية بدر العتيبي إن من أبواب الخير، ومقامات الشرف، وعظيم الحقوق، قيامُ الرجل بحقوق أبناء قبيلته، وانتصابُ الجار للاهتمام بشؤون جيرانه، والصاحب الوفي مع أُسر أصدقائه، والسؤالُ عن حالهم، وقضاءُ حوائجهم، خاصة إذا دنى بهم الحال، وضاقت عليهم الدنيا، وانقطعت بهم السبل، فهم أحوج الناس إلى أبناء القبيلةِ والجارِ والصَّاحب، وإن من أقربائنا وجيراننا وأصدقائنا، وممن حولنا اليوم بيوت ظاهرها الغنى والرحمة، وباطنها الفقر والجوع، والهم والغم، فمنهم من غاب عنهم الأب مجاهداً في سبيل الله في جنوب البلاد، أو مرابطاً في ثغرٍ من ثغور الإسلام، عينُه على العدو، وقلبُه على أسرةٍ لا يدري ما الله صانعٌ بها، فلا قريب يصلهم، ولا جار يسأل عنهم، وقد قال النبي فيما رواه البخاري ومسلم: «من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا»، فهنيئاً لمن ذهب إلى أسر جنودنا المرابطين والمجاهدين، وسأل عن حالهم، وتفقد حاجتَهم، وسدّ عوزهم، ورعى شؤونهم، وقام بأمرِهم، وأدخل السرور على أبيهم بالتواصل والاتصال، ويطمئنه بأنَّ أهله بخير، وتحت رعاية وصيانة، فكسب المعروف، وفاز بأجر الغازي في سبيل الله وهو في بلده، وكذلك أسر السجناء، ومهما كان سبب سجنِ أحدهم، ولو في قبائح الأمور، فلا تزر وازرة وزر أخرى، فمن وراء أحدِهم: زوجةٌ مكلومة، وبنتٌ مغمومة، وولدٌ محتاج، وطفلٌ كسير، ورضيعٌ لا يجدون له شربةَ حليب تفتق جوفه! وهم في هوان على الناس، لا قريبَ يسأل عنهم، ولا جارَ يتفقدهم، وكأنَّ الناس يعاقبونهم بجريرة أبيهم، ويهجرونهم بجريمة وليّهم، فأين حق المسلم على المسلم؟ وأين التأسي بالنبي وأصحابِه في إعانةِ المحتاج، وإغاثةِ الملهوف، وحملِ الكلِّ، وقد قال النبي: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».

وبيّن الشيخ العتيبي أن الناس في القديم: إذا طبخ أهلُ بيتٍ طعاماً نال منه جميع أهل الحي، قربةً وصلة، وشهامة ووفاء، واليوم! غابت هذه العادة، وقد حثّ عليها النبي فيما رواه البخاري ومسلم، حيث قال: «يا نساء المؤمنات، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها، ولو فِرْسِنَ شاة»، وفي رواية عند الترمذي قال: «تهادوا، فإن الهدية تُذْهِب وَحَر الصّدر، ولا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها ولو شق فِرْسِنَ شاة»، وفي صحيح مسلم قال رسول الله: «يا أبا ذر إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك»، وقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره» رواه مسلم، وروى الترمذي وحسنه عن النبي أنه قال: «خير الأصحاب عند الله تعالى خيرُهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره».