مؤلمة هذه الفانية حين تترك لنا بقايا ذكريات لقلوب جميلة رحلت عنا .. وهناك نوع من البشر تعيش على البساطة والنقاء..لاتطلب شيئا .ولاتبحث عن مناصب أو جاه .يكفيها فقط قوت يومها وهي تعيش راضية مرضية .. اسماعيل محمد البركاتي الشريف قد يكون اسما عابرا لايعرفه الكثير لكن كل من عرفه يعلم تماما إنسانيته التي عاشها بالود والحب والبساطة مع كل الناس .. كانت له أماني للأخرة في بناء مسجد في قريته وهو البسيط الذي يكدح من أجل لقمة عيش صعبة .. عاش إسماعيل جل حياته في أعمال حرة بين البيع والشراء وأحيانا كثيرة بلا مورد ثابت يعينه على الحياة لكن الابتسامة لاتفارقه. والمواقف الجميلة حاضرة في حياته .تجلس معه ليشبعك ضحكا لحكايا من الزمن الجميل وفي دواخله مواجع وألم السنين وهو ينتظر تخرج فلذة كبده ليفاخر بها ..صبر اسماعيل كثيرا وتعامل مع الحياة بجلد وثبات رغم الرياح والعواصف الملتهبة التي طوقت عنقه .كان ينظر للحياة بمنظار مختلف عمن حوله .. لايحبذ المناكفة من أجل دنيا فانية فعاش كريما ومحبوبا من الجميع .. إسماعيل الذي فتكت به كورونا لم يبالي كثيرا بالموت الذي إختطفه فجأة وكانت كل أحلامه أن يرى المستقبل في عين بناته اللواتي هن كنز ثمين ادخره في تعليمهن .. لكنه غادرهن قبيل أن يرى حلمه قد تحقق ..رحل صاحب الابتسامة الجميلة والكلمة الحاضرة دون مقدمات ولم تلهمه الفاتكة ليعيش .. قبيل رمضان المنصرم جلسنا سويا نبث المشاعر عن ماضِ تليد ومستقبلا مجهول وهمساته حاضرة فقد عانى من إعادة ترميم بيته البسيط واضطر إلى إستئجار منزلا آخر لوعود تلقاها من إحدى الجمعيات لترميم بيته ..مات اسماعيل وترك بيته للجمعية وأهله في بيت مستأجر ..وغادر هذه الفانية لم يحمل في نفسه أو يغضب أحدا ابداً.. كان اسماعيل احد أولئك البشر الذين رفضوا التقنية ولم يتعاملوا معها إلا في أضيق الحدود ..وحين يقبل عليك ترى جيوبه منتفخه بالأوراق وجميعها أرقام ومواعيد وفواتير وأسماء لمحلات يتعامل معها فينثرها أمامك بحثا عن إسم أو عنوان .. مات اسماعيل طيب القلب والنفس وترك لنا إرثا عظيما مفاده القناعة وحب الناس والبعد عن آذاهم .. رحمك الله ايها النقي فقد خرجت سالما من كل ذلك . وكفى ..