يعد للاكتئاب أنواع عديدة، ومنها ما كشفت عنه وزارة الصحة وهو اكتئاب ما بعد الولادة الذي أكدت أنه ليس له سبب محدد قد يحدث نتيجة اجتماع عدة عوامل جسدية أو نفسية تشمل تغيرات في الهرمونات الأنثوية، تغييرات في هرمونات الغدة الدرقية، قلة النوم والضغوط النفسية.

وتتمثل عوامل الخطورة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة: التاريخ المرضي للإصابة بالأمراض النفسية، التاريخ العائلي للإصابة بالأمراض النفسية، قلة الدعم المعنوي من العائلة والأصدقاء، مواجهة مشاكل مع الحمل السابق، القلق والضغوط النفسية.

الاكتئاب وأعراضه

أوضح الدكتور عادل باعيسى استشاري الطب النفسي رئيس قسم التوعية الصحية مجمع إرادة للصحة النفسية بجدة، أن الاكتئاب هو اضطراب المزاج الذي يسبب شعورًا متواصلًا بالحزن، وقد يكون مصحوبًا بالشعور بالذنب، ونقص تقدير الذات، وعادة ما يصاحب المرض مجموعة من الأعراض الجسدية مثل: التغير في الشهية، وغيرها.

وأكد باعيسى، أنه يجب ألا تكون الأعراض ناتجة عن أي حالة مرضية جسدية، أو نفسية أخرى قد تكون مسؤولة عن تلك الأعراض، لافتًا إلى أن الشعور بالحزن ليس كالاكتئاب، فالحزن أمر طبيعي، والاكتئاب حالة مرضية، مشددًا على ضرورة رؤية الطبيب إذا استمرت الأعراض لأسبوعين على الأقل.

تعريف الاكتئاب

وقال استشاري الطب النفسي، أن الاكتئاب هو اضطراب المزاج الذي يسبب شعورًا متواصلًا بالحزن، وفقدان المتعة، والاهتمام بالأمور المعتادة، ونقص التركيز، وقد يكون مصحوبًا بالشعور بالذنب، وعدم الأهمية، ونقص تقدير الذات، ويؤثر المرض في المشاعر، والتفكير، والتصرفات؛ مما يسبب كثيرًا من المشكلات العاطفية والجسدية، والتي بدورها تؤثر في أداء الأنشطة اليومية.

وأشار باعيسى، إلى أنه قد يسبب الشعور باليأس من الحياة، والتفكير في الانتحار، وربما الإقدام عليه في الحالات المتقدمة؛فيما هناك مسميات أخرى للمرض: الكآبة، الاضطراب الاكتئابي، الاكتئاب النفسي، اكتئاب المزاج.

أنواع الاكتئاب

واستطرد أنه تظهر بعض أنواع الاكتئاب في ظروف خاصة، مثل:
​اضطراب الاكتئاب الجزئي: ويعرف – أيضًا – باسم الاكتئاب الجزئي، والاكتئاب الخفيف، واضطراب عسر المزاج، والاكتئاب الجزئي حالة من سوء المزاج تستمر لفترات طويلة، ولا تؤثر بشكل ملحوظ في أداء الشخص، وقد يمر المصاب بنوبات من الاكتئاب الشديد، والاكتئاب الخفيف، ولا يسمى بالاكتئاب الجزئي إلا إذا استمر لسنتين على الأقل.

ويشمل الاكتئاب الموسمي: يتميز بحدوثه خلال موسم الشتاء؛ حيث تقل فيه أشعة الشمس، ويزول غالبًا بحلول فصل الربيع، ويكون مصحوبًا بالعزلة الاجتماعية، وكثرة النوم، وزيادة الوزن، إلى جانب الاكتئاب الذهاني: فيه يصاب الشخص باكتئاب شديد، بالإضافة إلى نوع آخر من الاضطرابات العقلية، مثل: الهلوسات، والأوهام، وغيرهما، وتكون أعراضه مرتبطة بأوهام كئيبة، مثل: هلوسات الفقر، والمرض، وغيرهما.

ويعتبر اكتئاب ما بعد الولادة أشد خطورة من الكآبة النفاسية التي تصيب أغلب النساء لمدة أسبوعين بعد الولادة. والمرأة المصابة باكتئاب ما بعد الولادة تواجه اكتئابًا شديدًا في أثناء فترة الحمل وبعد الولادة، ومن أعراضه: الحزن الشديد، والقلق، والإجهاد، مما يؤثر في أنشطتها اليومية، وعنايتها بنفسها وطفلها، بينما يختلف اضطراب ثنائي القطب عن الاكتئاب، ولكن يتم ذكره ضمن أنواع الاكتئاب؛ لأن المصاب بثنائي القطب يواجه نوبات من الاكتئاب الشديد تتناوب مع نوبات ابتهاج عالية.

الأسباب وعوامل الخطورة

يعد من أبرز الأسباب التاريخ العائلي: نوع الشخصية، كأن يكون الشخص كثير القلق، أو يعاني قلة الثقة بالنفس، أو يكثر من لوم ذاته، وغير ذلك، والإصابة بالأمراض الخطيرة، مثل السرطان، الإدمان على المخدرات، والكحول، صعوبات الحياة المستمرة، مثل: ضغوط العمل، والوحدة لفترة طويلة، والتعرض للعنف، وغيرها، قد تسبب الاكتئاب.

أما من ناحية الأعراض، فلا يعاني جميع المصابين بالاكتئاب الأعراض نفسها؛ حيث تختلف أعراضه من شخص لآخر بحسب حدة المرض، ومدة الإصابة به، وبحسب مرحلة المرض، بينما تصنف الأعراض كالتالي: ​أعراض نفسية: الحزن المستمر، ضعف الثقة بالنفس، والشعور بالدونية، الشعور باليأس، والإحساس بالذنب، الشعور بالقلق، والتوتر، نقص، أو انعدام الرغبة، أو المتعة بالنشاطات التي كانت تثير الرغبة والمتعة، صعوبات في التركيز، أو اتخاذ القرارات، التفكير بالموت، أو الانتحار.

ويتم حصر ال​أعراض الجسدية في: صعوبة النوم ليلًا، مع الاستيقاظ باكرًا، أو النوم الزائد، الشعور بالخمول، وانعدام النشاط، انخفاض الشهية ونقصان الوزن، أو زيادة الشهية وزيادة الوزن، الصداع، وآلام العضلات بلا سبب واضح، التحدث، والتحرك ببطء، اضطراب الأمعاء (الإمساك)، فقدان الرغبة الجنسية، تغيرات في الدورة الشهرية، بينما هناك أعراض اجتماعية: الميل للانعزالية، عدم الاهتمام بالواجبات بالعمل، أو المدرسة، الابتعاد عن الأهل، والأصدقاء المقربين، تعاطي المهدئات، والكحول.

وهنالك بعض الحالات تصاحبها أعراض مشابهة لأعراض الاكتئاب، مثل: مشكلات الغدة الدرقية، أو ورم في الدماغ، أو نقص الفيتامينات، مثل فيتامين (د). لذلك يجب التحقق من الحالة الصحية قبل تشخيص الاكتئاب.

التشخيص والعلاج

يعد التاريخ الشخصي: سؤال المريض عن حالته الصحية، والتأكد من وجود الأعراض لمدة أسبوعين، أو تحاليل مخبرية: قد يطلب الطبيب تحليلًا شاملًا للدم؛ للتأكد من أن الأعراض ليست بسبب مشكلات عضوية، فيما الاكتئاب بكافة أنواعه وشدته اضطراب قابل للعلاج، وكلما بدأ العلاج مبكرًا، زادت فعاليته: استخدام الأدوية: يتم استخدام أدوية تعرف باسم مضادات الاكتئاب، وهي – عادةً – تتطلب عدة أسابيع (بين أسبوعين وأربعة أسابيع)؛ ليبدأ مفعولها كما أنها تتطلب الاستمرار على تناولها لفترة تتراوح بين عدة أشهر إلى سنتين في بعض الحالات. ولكن بعض الاضطرابات، مثل: النوم، والشهية، تبدأ بالتحسن قبل تحسن المزاج.

نصائح هامة للتعامل مع الاكتئاب

ونصح باعيسى، عند بدء استخدام الأدوية: يعاني بعضهم أفكارًا انتحارية، خصوصًا من هم دون سن الخامسة والعشرين؛ لذلك ينبغي مراقبتهم جيدًا، وعن قرب، خصوصًا في بداية استخدام الأدوية، أو عند تغيير الجرعات، ​​يجب التحدث مع الطبيب قبل استخدام الأدوية وقت الحمل، أو عند التخطيط للحمل، أو قبل الرضاعة عن تأثير الأدوية في الأم والطفل.

ولفت إلى خطورة إيقاف الأدوية بشكل مفاجئ: يجب عدم التوقف عن استخدام الأدوية بشكل مفاجئ، ودون إخبار الطبيب، ليس لأنها قد تسبب الإدمان؛ بل لأن الجسم يكون اعتاد عليها. لذا يجب سحبها من الجسم بالتدريج، وتحت ملاحظة الطبيب المختص؛ لتلافي الأعراض الانسحابية.

العلاج النفسي ووسائل أخرى:

ثبت فعالية معظم أنواع العلاج النفسي في علاج الاكتئاب، ويشمل: العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج بحل المشكلات، وغيرهما. وقد يكون العلاج النفسي هو الأفضل، على الأقل كبداية في الحالات البسيطة من المرض، العلاج المشترك: يشمل العلاج النفسي، والدوائي معًا، وهو الأفضل في معظم الحالات، وهو ما أثبتته التجارب الطبية.

إرشادات للتعامل مع الاكتئاب:

ينبغي ​الحرص على ممارسة النشاط البدني، تزجية الوقت بين الأهل والأصدقاء، وطلب المساعدة منهم، وتجنب العزلة، القراءة والتعلم أكثر عن الاكتئاب، التدوين والكتابة يساعدان على تفريغ المشاعر، والشعور بالتحسن، تعلم تقنيات الاسترخاء، والتعامل مع الضغوط، مثل: التأمل، واسترخاء العضلات، واليوغا، تبسيط المهام اليومية، ووضع أهداف قابلة للتحقيق؛ لتجنب الإصابة بالإحباط، تنظيم الوقت، وإعداد قائمة للإنجازات اليومية ومواعيدها، تجنب اتخاذ القرارات المهمة عند الشعور بالاكتئاب.