فها هي أيام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف والرحيل، وها هي العشر تحل لتكون الفرصة الأخيرة لمن قصر وفرط في أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفى فيما مضى من أيام، فالعشر الأخيرة من شهر رمضان كنز عظيم وسوق عظيم يتنافس فيه المتنافسون في اغتنام هذه الأيام العشر في الطاعات وما يقربهم إلى الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها اجتهادا عظيما في قيامها، والأعمال الصالحة، قالت عائشة رضي الله عنها :”كانَ النبيُّ ﷺ إذَا دَخَلَت العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ”.

و”شد مئزره” كناية عن الاستعداد والاجتهاد”

و الاحياء يشمل جميع أنواع العبادات من صلاة، وذكر، ودعاء، وقرآن، وصدقة، ونوافل، وزيارة المرضى، وسقي الماء، وتفطير الصائمين، لذلك اجتهدوا في طاعة الله وخصوا هذه العشر بمزيد من الاجتهاد طلبا للثواب ومضاعفة الأجر، وكذلك طلبا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وقد اتبع السلف الصالح نهج النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يكثرون من قراءة القرآن ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الإمام مالك الذي ينقطع ويبتعد عن الناس ليعكف على قراءة القرآن، في حين أن هناك من اعتبر رمضان قراءة للقرآن واطعام للطعام مثل سفيان الثوري وقد تنافسوا على ذلك وخصوا العشر الاواخر من رمضان بمزيد من الأعمال الصالحة التي تقربهم من الله سبحانه فهذا شهر كريم وأيام مباركات وخاصة العشر الأواخر منه، ففيها مزايا عظيمة من الله، وفيها من العطايا، والكرامات والهبات الشيء الكثير فالتفريط في هذه العشر خسارة عظيمة، فكم من مريض يبحث عن الشفاء، وكم من فقير يطلب المال، وكم من محتاج يطلب العطايا، وكم من إنسان في قلبه أمنيات، أحلام، أهداف، مستقبل وغيرها من الأمور الدنيوية يسعى لتحقيقها وربما سنوات ينتظر ذلك ويطرق أبواب البشر من أهل المناصب والمسؤولين فضاع عمره في طرق أبواب البشر بدون أن يتحقق له شيئا مما يسعى له، في حين أن الله سبحانه يفتح لعبادة أبواب الدعاء، والفرص العظيمة ومن هذه الفرص “ليلة القدر”، ليالي وأيام معدودة تمر سريعا من يجتهد فيها ويتعب، ويعيش الأجواء الإيمانية، ويخلو مع الله فبكل تأكيد سيتحقق له ما أراد من خيري الدنيا والآخرة، والله وعد عباده باستجابة دعواتهم :

“لئن شكرتم لأزيدنكم”

“فاذكروني أذكركم”

“ادعوني استجب لكم”

“وما كان الله معذبهم
وهم يستغفرون”

‏فلا تقف عن مناجاتك ولا تيأس فأنت تسأل ملك الملوك.

*همسة لقلبك…

هذه العشر الأواخر من رمضان ستغير منحى حياتك للأفضل و ستحقق فيها أمنياتك فيها ليلة خير من ٨٣ سنة و ٤ أشهر من عمرك فقلل نومك و اقتصد في راحتك و اتعب في الطاعة وتزود لآخرتك كل شيء يعوض إلا رمضان فهو أيام معدودات والموفق من وفقه الله،
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى , ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ )

ختاما…

‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) [أخرجه البخاري ومسلم].

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»

‏اللهم اجعلنا مِمن أدركتهم الرحمة ثم المغفرة ثم العتق من النار، وأجعلنا ووالدينا وازواجنا وذرارينا ومن نحب من الذين شفعت لهم وعفوت عنهم وغفرت لهم وكتبت لهم الجنة،
ومن يقرأ الآن.