من وجهة نظر شخصية لا تتطوع بنصح أحد لم يطلب منك النصح؛ فالناس في الغالب تتثاقل النصيحة وترى أن فيها ازدراء وانتقاص للشخص، ولكن إذا طُلب منك النصح والمشورة في موضوع معين فلا تتردّد، بل بادر وهذا واجب ديني كحق للمسلم على المسلم؛ كما قال الرسولﷺ في حديث طويل:

«…وإذا استنصحك فانصحه«.
وأعظم النصائح بطبيعة الحال هي التي تأتي من الأنبياء والصالحين في شؤون الحياة العامة، ثم تلك التي من الآباء والأمهات والتي تحمل في طياتها الحب والشفقة على الأبناء، وكثيراً ما كانت مشورة الآباء والأمهات مباركة، ونعرف حقيقتها بعد حين، لأنها نابعة من قلب محب.

ونصائح بعض المعلمين المخلصين لتلاميذهم على درجة عالية من الأهمية والتأثير، خصوصاً إذا كان المعلم محبوباً ومخلصاً، وأيضاً النصائح المهنية لرئيسك في العمل تُؤخذ في عين الاعتبار، وذلك لخبرة الرئيس ولمكانته المهنية، ولأن النصائح غالباً تصب في سياسة المنظمة المهنية.

والمتتبع للنصيحة في القرآن الكريم يجد أنها وردت بصيغ ومعانٍ شتى؛ فالنصيحة قد تأتي من محب كما وردت في سورة الأعراف على لسان نبي الله نوح عليه السلام«أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم»، وفي سورة الأعراف أيضاً قال النبي هود عليه السلام لقومه «وأنا لكم ناصح أمين»، وقد تأتي من مبغض على شكل خديعة مغلفة بالنصح، كما قال إبليس الرجيم في سورة الأعراف «وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين »، وكما قال إخوة يوسف عليه السلام «مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون»، وطبعاً أعظم النصح ما كان لله وفي الله سبحانه وتعالى، كما قال الرسولﷺ:
«الدِّين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامّتهم».

ولا بد من التحَلِّي بأخلاقيات النصيحة وآدابها والتي اختصرها الإمام الشافعي:
تعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادي         وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجمَاعَة
فَإِنَّ النُصحَ بَينَ النـــاسِ نَوعٌ            مِنَ التَوبيخِ لا أَرضى اِستِماعَه

نصيحتي لكم:

بعد نصائح الرسل والأنبياء لا يوجد أهم وأصدق من نصائح الوالدين، فاحذر أن تفرط في هذا الكنز العظيم!