يظن كثيرون أن المرأة تحظى بالجمال المطلق عند مقارنتها بالرجل، وهذا الظن ثمة ما يدحضه من أدلة عقلانية منطقية وتاريخية بل وحتى بيولوجية.

فالطاووس أجمل بمراحل من أنثاه، والأسد أجمل من اللبوة، بل وحتى رمز الجمال البشري هو محصور في رجل وليس امرأة وهو نبي الله يوسف بن يعقوب عليه السلام، وكثير من العلماء يرى أن يوسف – رغم أنه أوتي شطر الحسن كما ورد في حديث المعراج- يحتل المرتبة الثالثة في الجمال البشري إذا يفوقه حسناً وجمالاً سيدنا ونبينا محمد (ﷺ) الذي أوتي الجمال كله وليس شطر كما يؤكد غير واحد من العلماء، ولديهم في ذلك أدلتهم الكثيرة التي لا يتسع المقام لبسطها، وهناك من يفوقهما جمالاً وهو أبونا آدم عليه السلام لأن الله خلقه بيده، ولأن أهل الجنة يدخلونها على صورة أبيهم آدم كماورد في الأحاديث الشريفة، وهذا دليل على أنه رمز في الجمال، ومعروف أن الجنة منتهى الكمال الإلهي.

وهناك من يرى أن أدوات الزينة والمكياج لم توضع للرجال بل وضعت لتجميل المرأة، فالرجال لا يحتاجونها(طبعاً أقصد الرجال الحقيقيين)؛ولا يعني هذا أن الجمال الذكوري مُطلق؛ فالمسألة نسبية بكل تأكيد بين الجنسين ولكن في نظري يتفوق الرجل في هذا الأمر للأدلة السابقة، واشتهر عندالعرب بعض المقنعين الذين يخفون وجوههم لشدة جمالهم كالمقنع الكندي الذي كان إذا أماط اللثام عن وجهه أصابته العين ومرض من فرط حسنه، ودُحية الكلبي الذي كان جبريل عليه السلام يتنزل على هيئه ليخبر رسولنا (ﷺ) بالوحي.وهناك قصص مشابهة عن شاعرَين آخرين هما وضّاح الكندي وأبو زبيد الطائي، اللذان كانا إذا ما نزلا الأسواق، احتجبا خوفاً على جمالهم. وأما الزبريقان بن بدر وهو من الصحابة، لقبّ بالزبرقان وهو قمر نجد لشدة جماله، وكان إذا ما جاء مكّة، دخلها “متعمماً” لئلا يغري النساء.

وللعلم فدرجات الجمال عند الرجال ليست كلها مرتبطة بمظهرهم وجمالهم الجسدي، فهناك “الظريف” و”المليح” و”الحلو” و”الجميل”، وهذا مانستشفه من حكاية عن خالد بن صفوان التميمي الذي كان من أهمّ خطباء العرب في العصر العباسي الأول ولقِّبَ بـ”فصيح العرب”. يحكى بأن امرأة قالت له “إنّك جميلٌ”، ولكنه استنكر ذلك، فجاوبها بسؤال بلاغيّ: “كيف تقولين هذا؟ فوالله ما فيّ عمودالجمال، ولا رداؤه، ولا برنُسُهُ”. حين سألته عن معنى ذلك، قال لها، عمود الجمال الطول، ورداؤه البياض، وأما برنسه، فهو الشعر الأسود،”وأنا أصلع آدم قصير”. قولي لي أني “ظريفٌ” أو “مليح”، وفي رواية أخرى “حلو”.

ومعايير الجمال تختلف من مجتمع لآخر؛ لذا يجب أن ندرك أن الجمال الحقيقي هو في الجوهر وليس في المظهر.
الجمال الحقيقي (خلقٌ وعفةٌ وكرمُ نفس)، وهذه مقسمة بين الرجال والنساء.