تخيّل نفسك تذهب إلى مدرستك دون أن يكون لديك حقيبة مدرسية. ماذا لو عُدْتَ إلى منزلك ووجدت غرفةً مكتظةً بالأطفال وبدرجة حرارةٍ عالية وعليك أن تنام في ذات المكان الذي تتناول فيه العائلة طعامهم؟
تخيّل إن منزل عائلتك المتواضع ليس فيه حتى الثلاجة، وعليك أن تشرب الماء الحار، وفي المساء لا يوجد تلفزيون أو جهاز حاسب آلي تُزْجي فيه بقيّة ليتلك الكئيبة. وفي هذه الظروف المعيشية المتواضعة ماذا لو عُرض عليك سرير نظيف وغرفة مكيفة هل ستصدّق ذلك؟
ماذا لو أهداك أحدُهم جهاز حاسوب جديد ومتطور؟
ماذا لو امتلك والدُك العامل البسيط ثلاجةً في منزله وفرناً وجهاز تكييف؟
تُرى كم هي السعادة التي ستحظى بها؟
دعنا نشطح قليلاً ماذا لو امتلكت من «اليانصيب» مثلاً مليون دولار؟
هل ستصدق كل ذلك؟
سأصدمك الآن ماذا لو وجدت في رصيدك 200 مليون دولار بعد سنوات قليلة فقط من معاناتك مع الفقر؟
طبعاً ستظن أنني أسخرُ منك، أو أروي لك حكاية من حكايات الخيال، وربما ستتساءل من أنت؟
سأخبرك يا صديقي فلا تستعجل، أنا حلمُك، أنا شغفُك، أنا إصرارُك!
ما رأيك أن نعقد اتفاقاً لأحققَ لك كل هذه الثروة الطائلة والمكانة العالمية العالية؟
وافق الهندي«ساندر بيتشاي» على الاتفاق ليحقق بموجبه شروط حلمه المنتظر، وأولها التفوق الدراسي والشغف في أجهزة الحاسب الآلي والقراءة المتنوعة، وبعد ذلك الانتقال إلى بلد تتوافر فيه فرص الإبداع والتميز كالولايات المتحدة الأمريكية.

وفعلاً حصل ساندرعلى بعثة دراسية بسبب تفوقه، ولكن كانت مشكلته أنه لا يملك ثمن التذاكر للسفر إلى أمريكا، ولكن العائلة باعت كل ما تملك من أثاث قديم ومقتنيات بالكاد أمّنت قيمة التذكرة، وهناك في أمريكا التحق ساندر بجامعة ستانفورد وأبدى تفوقاً فيها وعرضت عليه الجامعة أن يبقى أستاذاً فيها ولكنه رفض، وفضّل الانضمام إلى شركات التكنولوجيا الأمريكية وفيها تدرج بعقليته الفذة وشغفه المتواصل وأهدافه الواضحة، حتى حطَّتْ رحلته في شركة جوجل عام2004م، وتم تعيينه مسؤولاً عن شريط البحث الخاص بها، وأنشأ متصفح قوقل كروم الشهير، وتمت ترقيته ليكون مسؤولاً عن نظام تشغيل الهواتف«أندرويد» الذي أصبح فيما بعد نظام تشغيل لمليار جهاز حول العالم، ثم تدرّج في مناصبه رئيساً للمنتجات ثم نائباً للرئيس التنفيذي، وذاعت شهرته فعرضت عليه تويتر ومايكروسفت عروضاً مغرية للانضمام إليهما، ولكن قوقل رفعت أجره حتى لا يتنتقل لغيرها، وتمت ترقيته إلى المدير التنفيذي للشركة ومنحته 200 مليون دولار، وفي 2015م أصبح مديراً تنفيذياً لشركة قوقل.

ساندر بيتشاي ـ الذي كان أقصى طموحاته امتلاك جهاز حاسب آلي ـ هو حالياً مدير تنفيذي لأكبر شركة انترنت في العالم« Google» ، وثروته الآن تُقّدر ب900 مليون دولار.

فتِّشْ عن حلمك وإذا وجدته تمسّك به، فلا شيئ مستحيل في هذا العالم.