كل شيء في هذا الزمان يتناقص، كانت وجبة الطعام في السابق تخصص لها ساعات من اليوم بانتظارها إما على هيئة حفلة عشاء أو مناسبة مولود أو غيرها الآن اتجه أبناء هذا الجيل إلى الوجبات السريعة، ليس لديه استعداد لضياع وقته في انتظار وجبة طعام، لذلك أدركت مطاعم الوجبات السريعة هذه التحولات؛ فأصبحت تلجأ إلى طلاء جدرانها الداخلية بالألوان الفاقعة والصريحة كالأصفر والأحمر لكي لايطيل الزبون الجلوس؛ لأن الألوان الفاقعة غير مريحة، والمطعم يتعمّد ذلك لأنه ينتظر الزبون الذي يأتي بعده.

وظهرت ثقافة (الدلفيري)، بل حتى الكلام كانت العرب تستمع بالشعر والخطب والمساجلات والرسائل وغيرها، الآن أصبح خير الكلام ما قل ودل، لذلك نجح موقع التواصل الشهير تويتر لأنه يعتمد على عدد قليل من الكلمات، فكل شيء أصبح قصيراً، وظهرت في الهواتف الذكية فكرة الوجوه المعبرة(الفيسات والايموجي)، بل وصُمِّمت عبارات جاهزة وقصيرة؛فالناس لا وقت لديها للكتابة، إنه زمن السرعة والتناقص؛ حتى القصص المطولة لم يعد لها رواجاً كالسابق وظهر ما يُعرف بالقصة القصيرة، وبالرواية القصيرة، وفي السابق كان جمهور المسرح يقضون الساعات للاستماع إلى أم كلثوم وعبدالحليم فظهرت فيما بعد الأغنية السريعة فمن يستطيع البقاء لثلاث ساعات للاستماع إلى أغنية؟

والكتابة الصحفية أيضاً تناقص عدد كلماتها، كانت المقالات الصحافية تستوعب من ٨٠٠-١٠٠٠ ألف كلمة، الآن تشترط كثير من الصحف أن لايتجاوز عدد كلمات المقالة٣٠٠-٥٠٠ كلمة في أسوأ الأحوال.

الحياة أصبحت قصيرة جداً، وكل شيء صار قصيراً وسريعاً؛ السفر والعلاقات وحجم الكتب وحجم الأجهزة والسيارات والطائرات.

الشيء الوحيد الذي لم يتناقص هو الفواتير.