استمرار تفشي فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم بلا هوادة، مع وجود 8.9 مليون مصاب حاليا ونحو 522 ألف حالة وفاة، جعل الاقتصاد العالمي يعاني من أكبر صدمة وانكماش شهدها منذ عقود، في أزمة لم يستفق من هولها العالم إلى الآن، وتمكن الفيروس التاجي القادم من الصين، أن يتحول إلى وباء عالمي، وأدى إلى تخبط كثير من الدول وتكدس المرضى في ممرات المستشفيات التقليدية والميدانية. وفي حين أخذ الوباءُ العالمَ على حين غرة؛ تضررت أغلب الأنشطة الاقتصادية، وبدأت قصة أخرى مع تحول سكان الأرض إلى محجورين معزولين في بيوتهم، إنها قصة ازدهار ونشاط لشركات استثمرت في المستقبل مستفيدة من وباء كورونا؛ وهذا ما يثبت أن الأزمة هي مزيج من المخاطر والفرص.

فالقيود التي فُرِضَت على تنقل السكان والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومات، حفزت الطلب على منتجاتٍ وخدماتٍ معينة تلبي احتياجات نمط الحياة الجديد.

ويمكننا هنا أن نبرز المجالات الاقتصادية والمنتجات والخدمات التي حققت أرباحا مهولة خلال الأزمة ويمكننا أن نأخذ السوق الأمريكية كمثال:

وأول ما نتحدث عنه المنتجات الصحية والأدوية:

حيث واجهت شركات Purell وLysol وCLX وغيرها من منتجي المطهرات طلبًا هائلا على منتجاتها، حيث بدأ الأمريكيون مع أزمة كورونا بشراء المطهرات والمعقمات بوتيرة غير مسبوقة، إذ تشير التقديرات إلى أن مبيعات مطهرات الأيدي ارتفعت بنسبة 420٪، وارتفعت مناديل كلوركس بنسبة 184٪، وشهدت المطهرات زيادة بنسبة 178٪، بينما نالت مبيعات صابون اليد على نسبة زيادة بقيمة 32%، من بين المنتجات الصحية الأخرى.

أما بالنسبة لشركات الأدوية فلا شك بأن أول شركة تكتشف لقاحاً فعّالا للفيروس ستستفيد كثيرا، ولكن قبلها ستستفيد الكثير من شركات صناعة أدوية معالجة المرضى الفعليين، وشاهدنا في الفترة الأخيرة أدوية تخفف أعراض كورونا وتعالجه خلال مدة قد تصل إلى 4 أيام كأدوية: ريمديسيفير فافيبرافير وغيرها.

وثاني المستفيدين من أزمة كورونا هو خدمات البث وتطبيقات الهواتف المحمولة:

إذ تشهد خدمات الهاتف المحمول والبث مثل شركة أبل، ونتفليكس، ويوتيوب، وجوجل، طلبًا متزايدًا أثناء تفشي المرض، وهذا يعزى إلى أن الغالبية العظمى من عملاء هذه الخدمات يقضون الوقت في المنزل وبالتالي الدخول بضغط كبير على ألعاب وتطبيقات الجوال.

ولقد ارتفعت نسب محتوى خدمة البث المباشر في “نتفلكس” لوحدها بنحو 2٪ منذ فبراير الماضي، حيث ينفق المحجورون في منازلهم على شراء الاشتراكات الجديدة. وتتوقع الشركة -التي لديها 167 مليون مشترك- أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 17٪ تقريبًا في الربع الثاني من هذا العام.

ويضاف إلى ذلك الاجتماعات المباشرة عن بعد والتي خلقت أزمة كورونا لها انطلاقة جديد في عالم يخشى الجميع فيه الالتقاء مع بعضهم البعض، ويمكن أن نذكر هنا تطبيق “زووم” ZOOM والذي تجاوز عدد مستخدميه يوميا في مارس الماضي الـ200 مليون شخص، مقابل 10 ملايين نهاية العام الماضي. في حين حفزت الأزمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتي طورت من ميزاتها لتواكب احتياجات المرحلة الحالية، حيث عمدت فيسبوك في الـ24 من أبريل الماضي إلى إطلاق ميزة إجراء محادثات فيديو عبر “غرف” افتراضية تستوعب 50 شخصا على الأكثر، في خطوة تهدف لمنافسة تطبيق “زووم” سابق الذكر، وكذلك استفادت تطبيقات “سيسكو” و”تيم فيور” من ظروف كوفيد19.

ثالثا: تطبيقات اللياقة: فقد كشف قسم الصحة في “جوجل بلاي ستور” وأسواق التطبيقات الأخرى ارتفاعا في شعبية تطبيقات اللياقة كون المستخدمين سارعوا منذ بداية الأزمة للبحث عن التدابير الوقائية ضد كورونا، والتي زادت أيضا من شعبية تطبيق اللياقة الشهير في الصين “كيب” KEEP. وارتفع عدد مشتركيه مع مجموعات “وي شات” WeChat التي أعلنت عن جلسات كثيرة للياقة. حيث ارتفعت أعداد متابعي التطبيق بأكثر من 18٪ في الأيام الخمسة الأولى منذ تفشي الفيروس. ويعتبر “بيلوتون” مثالًا آخر على الطلب المتزايد على اللياقة البدنية والمراقبة الصحية عن بُعد حيث قفزت أسهمه بنسبة 12٪ مع بداية تفشي المرض.

رابعاً: تطبيقات المطاعم والتوصيل: حققت الكثير من تطبيقات المطاعم طلبا في أزمة كورونا وصلت لأكثر من 50%، ويضاف إلى ذلك كله خدمات الترفيه عن بعد وخدمات التوصيل للمنزل.

وفي حين خلقت كورونا أزمة كبيرة للكثير من القطاعات الاقتصادية لكن قطاعات أخرى حققت عوائد استثنائية من اتخاذ إجراءات الإغلاق التي شهدتها العديد من دول العالم خلال الأشهر الست الماضية، فمصائب قطاعات عند قطاعات اقتصادية أخرى فوائد.