خليلي شهر الصوم زُمَّت مطاياه * وسارت وفود العاشقين بمسراه
فيا شهر لا تبعد لك الخير كله * وأنت ربيع الوصل يا طيب مرعاه

رمضان ما أجملك!
ما أعظمك يا شهر رمضان، يا شهر القرآن، يا شهر الرحمة والمغفرة، ما أجملك يا شهر الصوم، يا شهر الطاعات والقربات، حللت علينا ضيف مبارك كريم تسارعت أيامك في الذهاب، حللت علينا بحلة لم نعتد على مثلها، وانشغلت النفوس، وحارت العقول والقلوب تفكيرًا، كيف نقضي رمضان، على غير العادة، فالمساجد مقفلة، من غير التروايح والقيام، من غير اجتماع مع الأحبة، لكننا استعنا بالله، ودعوناه، فخفف علينا ما نحن فيه، فأنت يا شهر الخير لك مكانة في سويداء القلوب، فلك روحانية تختلف عن باقي الأيام والشهور، فأبواب الجنان مفتوحة، أبواب النار مقفلة والشياطين فيك مصفدة، كيف لا؟ وأنت شهر منَّ الله به على عباده ليزدادوا طاعة وقربًا من بارئهم، فما ازددنا إلا خيرًا على خير، ونعمًا على نِعم، فتحولت بيوتنا مساجدَ، ورجالنا أئمة.
ما أصعب فراقك يا رمضان، وما أسرع أيامك، حللت خفيفًا، لم نشعر بساعات مرورك، وها نحن اليوم نذرف دموع فراقك.

قال ابن رجب في لطائف المعارف
“عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبقَ منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه، فعليه التمام، ومن فرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملًا صالحًا يشهد لكم به عند الملك العلام، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان … على خير شهر قد مضى وزمان
سلام على الصيام فإنه … أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة … فما الحزن من قلبي عليك بفان”.

وما أجمل ما قاله ذلك الشاعر المحترق وهو يودع رمضان:
أيها الضيف تمهل!
كيف ترحل؟ والحنايا مثقلات، والمطايا تترجل
كيف ترحل هل عتقنا؟ أم بقينا في المعاصي نتكبل.