ما بين عشيةٍ وضحاها أصبح العالم يئن تحت وطأة كارثة حقيقية تنغص على الشعوب حياتهم وتهدد اقتصادهم وبقاءهم، فقد سببت أزمة فيروس كورونا (كوفيد-١٩) إغلاق أجزاء كبيرة من الاقتصاد حول العالم لأجل الحفاظ على حياة الناس وصحتهم وتجنيبهم المخاطر، ولكن تبقى هناك مجالات حيوية ضرورية تؤدي دورًا هامًا وتلبي احتياجات عامة الناس، وبقاؤها في غاية الأهمية خلال الأزمات.

من بين تلك الأمور الضرورية والتي لا غنًى عنها الأغذية والزراعة والنقل والخدمات اللوجستية والتي صنفتهم الوكالة الفيدرالية للأمن السيبراني وأمن البنية التحتية في أمريكا – بنيةً أساسيةً ضرورية في تأمين الغذاء للإنسان، ضمن ستة عشر قطاعًا تجاريًا مستثنًا من القيود نظرًا لدور العاملين الحيوي للحياة العامة و البنية التحتية.

وخلال الكوارث الطبيعة أو حالات الطوارئ الوطنية، تعمل عجلة الصناعات الغذائيه بلا توقف على قدر الإمكان وتتكيف للوفاء بحاجة الناس من الإمداد الغذائي. وبما أن مصطلح الإمداد الغذائي يعبر عن قطاع كبير جدا يندرج تحته ويتصل به عدد هائل من المهن والصناعات والخدمات أردت تسليط الضوء عليها وبيان دور العاملين في سلسلة الإنتاج الغذائي من المزرعة الى المائدة.

فالسلع و المنتجات الغذائية الذي نراها في نقاط البيع هي المنتج النهائي وتمر بمراحل مختلفة أثناء الانتقال من المواد الخام الزراعية إلى المنتجات الغذائية ضمن سلسلة صناعة وإنتاج الغذاء التي تشمل الإنتاج والتجهيز أو التصنيع والتخزين والتسويق والتوزيع والعرض قبل وصولها للمستهلك.

والزراعة هي العمود الفقري للنظام الغذائي ويشمل الانتاج الزراعي المنتجات النباتية والحيوانية وتعتمد المدخلات على العديد من القطاعات الأخرى من صناعات مساندة وخدمات لوجستية مهمة، وتأثر أي عنصر في هذه الشبكة المعقدة من المزرعة إلى رفوف المتاجر بشكل أو بآخر خلال الأزمات سيؤثر على قدرة المزارع على تصريف منتجاته من ناحية و توفر الغذاء من ناحية أخرى.

وإذا أردنا حصر العاملين في قطاع الغذاء وما يتصل به نجد أن العاملين في قطاع الزراعة والأغذية يعتبرون أساسيين، ويتصل بهم العاملون في مجال الأسمدة والمبيدات الزراعية والأعلاف والأدوية البيطرية والآلات الزراعية وصياناتها، كما يشمل العاملين في المحلات التموينية كالبقالات والصيدليات ومتاجرالتجزئة الكبيرة التي تبيع الأطعمة والمشروبات وكذلك مطاعم إعداد وتجهيز الوجبات ومطاعم الوجبات السريعة ويشمل موظفي توصيل طلبات الأطعمة ومصنعي الأغذية ومورديهم بما في ذلك تجهيز الأغذية (شركات تعبئة وتجهيز اللحوم ومصانع الألبان ومشتقاتها والخضروات، وما إلى ذلك) ومرافق إنتاج المشروبات ومصنعي مواد تعبئة وتغليف المواد الغذائية.

كما أن القائمة تضم عمال مصانع الأغذية الذين يقومون بعمليات التنظيف و التطهير والتعقيم لجميع عمليات تصنيع الأغذية وتشغيلها، من البيع بالجملة إلى التجزئة ، والكافتيريا والمطاعم الموجودة داخل مواقع العمل.

ولقطاع النقل والخدمات اللوجستية دور أساسي في نقل المواد الغذائية والسلع المعبأة من المزارع أو المصانع إلى الموزعين، ومن تجار الجملة لتجار التجزئة ويشمل العمال الذين يقومون بوظائف النقل (مثل مسئولي الاتصالات وفنيي الصيانة والإصلاح وعمال المستودعات، وعمال محطات توقف الشاحنات واستراحتها)، وتقديم الخدمات التي تمكن القيام بالعمليات اللوجستية (مثل التبريد والتجميد والتخزين والتعبئة وتوزيع المنتجات للبيع بالجملة أو التجزئة).

كما يدخل ضمن القائمة تلك الشركات المصنعة والموزعة لمواد التعبئة والتغليف ومنصات التحميل والصناديق والحاويات والإمدادات الأخرى اللازمة لدعم التصنيع وعمليات التعبئة والتغليف والتوزيع.

ويأتي دور الجهات الحكومية المعنية بالزراعة بتشريعاتها اللازمة لضمان توفر ووصول المنتجات إلى الأسواق والمستهلكين خلال الأزمات، والنظر إلى السلسلة الإنتاجية كاملة “من المزرعة إلى رفوف المتاجر” وكذلك النظر إلى القطاعات ذات العلاقة وضمان عدم وضع القيود على حركة العاملين الأساسيين فيها. وأن تقوم الجهات المعنية بنشر دليل إرشادي يوضح المهن المستثناه لتقليل حالات الالتباس والغموض للعاملين في هذه المجالات الحيوية، وعدم تأثرهم بأي قيود تحد من نشاطهم.

كذلك للجمعيات والاتحادات التعاونية الزراعية ولجان التنمية الزراعية بالغرف التجارية دورها المحوري بالعمل كحلقة وصل مع الجهات الأخرى لتذليل سبل وصول المنتجات إلى الاسواق، فالمنتجات خلال الأزمات ليست للمستهلك في المنزل فقط بل للمسشفيات والخدمات الغذائية ومتعهدي تأمين الاغذية والاعاشة وغيرها التي تحتاجها بشكل يومي لتأمين الطعام للمئات.

وتختلف الحكومات في مستوى تقييم درجة المخاطر الصحية لفيروس كورونا وتفشيه لديها وإجراءات تقييد القطاعات و العاملين فيها .ومهما بلغ الأمر فلابد من ضمان استمرار عمل القطاعات الحيوية للحياة اليومية المتعلقة بالمنتجات الزراعية والأغذية وإن استدعى الأمر تقليص أعداد العاملين للحد الأدنى أو إيجاد آليات مبتكرة لضمان توفرها خلال الأزمات مع أقل نسبة خطر ممكنة.