رغم كورونا تلألأت سماء العالمين بخيوط من نور تجمعهم وهلّت تباشير الفرح بقدوم رمضان قبل هلاله …
نفذت نسائِمُه إلى النفوس البشرية بصمت يخترق أصوات المكبرات، ووسِم يبهر صمت الأديان؛ لم تُحجِب نسائِمه الأبواب المغلقة ولا محظورات التباعد الاجتماعي ذلك لأن رمضان زمان يعبق بالروح قبل المكان؛ عَودته لا تشترط مجسمات بصرية تُجسد حضوره أو تجمعات بشرية تتباهى بمتاعِه، هو مشاعر روحية تتجلى في طقوسه الروحانية اينما كان.

اكتسح رمضان العالم الافتراضي ايضاً رغم تجذره في العالم الواقعي… وهل يستنكر ذلك على عبادة خصها الله تعالى بالأجر في الحديث القدسي” كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلا الصيامَ، فإنَّه لي وأنا أُجْزي بهِ”؟
لذلك نقول إن كان كورونا تحدي فإن رمضان فرصة ضمن العوامل الخارجية لمرحلة جائحة كورونا تتمثل في قدرته على احداث التغيير من الداخل قبل الخارج الذي طالما تداعت له المنصات التدريبية والخطط الاستراتيجية على قدم وساق، وعلينا استغلال هذه الفرصة بما يتسق مع محظورات جائحة كورونا للوصول مع قيادتنا الرشيدة إلى أهدافها والتغلب على تحدي كورونا بأقل الخسائر؛ ليس بالضرورة ان تكون التجمعات الرمضانية بشتى صورها هي الوسيلة الوحيدة لمعايشة نسائم رمضان بل قد تكون الظروف الحالية والحظر تحديداً فرصة أكبر لذلك، بالمراقبة والمقارنة بين ما كنا عليه في الأعوام الماضية، وما سنكون عليه داخل دائرة الحظر في هذا العام الاستثنائي وبين ما نريد أن نصل اليه بعد هذه التجربة، ولعل التقاء نقاط القوة الداخلية لهذه المرحلة واهمها المورد البشري (الفرد) الذي يمثل المصدر الرئيسي للتقدم الحضاري مع فرصة رمضان يزيد من قيمة هذه الفرصة التي شقت طريق كورونا لوسم المرحلة بإنجازات نوعية يؤرخها تاريخ البشرية ؛ وهناك العديد من الأنشطة التي نستطيع ان نصنع منها تلك الإنجازات لعل ابرزها :

الحرص على اكتشاف القدرات والمواهب والمهارات التي نحتاج اليها لمعاصرة العالم المتغير.
تنشيط الروابط البشرية المعطلة وترسيخ القيم والمبادئ المثلى.
المساهمة في الأعمال التطوعية ايضاً لاسيما في مثل هذا الشهر الفضيل ويمكن تحقيق ذلك عبر منصة العمل التطوعي احدى مبادرات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ضمن برنامج التحول الوطني وتزامناً مع المرحلة،
ناهيك عن التأمل الروحي في عظمة هذا الدين الذي يملانا بالطمأنينة رغم كورونا ويقيم شعائره في جميع ارجاء البسيطة لا تعيقه تحديات ولا تنهاه وبائيات.

مسك الختام:

رمضان فرصة كل عام من قبل تحدي كورونا … لكن ما يميزه هذا العام هو تجلي الذات فيه وتجردها من المشاهد المرصودة في قواميس البشر وتبقى كواليس تلك التجليات هي السر الخفي خلف التغيرات التي سيجنيها رمضان في ظل كورونا؛

وكل عام وأنتم بخير.