للمعابد قُدسية لايماثلها إلا قُدسية دور العلم والمعرفة كالمكتبات والجامعات والمدارس والمعاهد، المعابد جزء من ثقافة المجتمع وتراثه وجزءُ أصيل من الهويه فهوية اي مجتمع تُعرف بشئين الفن والدين، في زمن كورونا أُغلقت دور العبادة وتحولت لمباني يسكنها الظلام وتلفها السكينةِ والهدوء فلم يستثني كورونا أي معبد ولم يختار بأي دينِ يبدأ، الملفت في الأمر أن كورونا ليس بعنصري أو طائفي على الرغم من أن هناك من حاول وصمه بعار العنصرية والطائفية في بادئ الأمر إلا أنه لم يكن كما توقعه وآراده البعض لم يختار ضحاياه علي أسس دينية أو عرقية اختارهم على اساسِ واحد ألا وهو الوعي النابع من ذات الفرد فمن لا وعي لديه بسبل الوقاية وتطبيق إجراءاتها سيُصاب بكورونا وإن حاول الفرار منه بالرقى والتمائم، المساجد والكنائس ودور العبادة بجميع الديانات البشرية على سطح الأرض أوصدت أبوابها خشية أن تكون وسيطاً لنقل فيروس كورونا غضب البعض من ذلك الإغلاق وحاول تمرير شبهةِ فكرية لكن وعي المجتمعات تجاوز مرحلة المؤامرة ونظرية التضييق على المتدينين وأتباع الأديان ففي كل الأديان هناك متطرفين وهناك مؤمنين بنظرية المؤامرة وهناك متدينين عقلاء ، دور دُور العبادة يبدأ وينتهي عند إقامة الشعائر الدينية فقط وماعدا ذلك الدور الروحاني لا يوجد لها أيُ دورِ أخر فقد رأينا وشاهدنا كيف انتهى دورها بإستثناء المساجد عند المسلمين بقيت تُذكر المسلمين بوقت دخول الصلاة عبر الاستمرار في رفع الآذان دون الشروع في إقامة الصلاة جماعةً بالمسجد، جائحة كورونا صرفت أنظار المجتمع الواحد إلى مراكز الأبحاث العلمية والطبية والمستشفيات وهذا يقودنا إلى تساؤل لماذا دور العبادة تحتل مساحة شاسعة من تفكير الأفراد وجهودهم الخيرية فغالبيتها تُنشأ وتُقام بأموال المتبرعين ممن يرون أعمال البر والإحسان مقصورة في بناء تلك الدور دون غيرها على الرغم من أن “العبادة” أمرُ روحاني بين الفرد وربه.

بالتأكيد تحتاج المجتمعات لدور عبادةِ وتحتاج أيضاً لمنشآتِ صحية وطبية وعلمية وتحتاج للموازنة بين الاحتياجات الروحية والنفسية والبدنية والذهنية والجسدية وتحتاج للترشيد في كل شيء ومن صور الترشيد ترشيد التوسع في بناء دور العبادة فكثرتها لن تنتج مجتمعاتِ فاضلة أو متدينة كما يريده ويُفكر فيه ويتحمس من اجله البعض بل بالعكس قد تُصبح عبء على الحكومات من ناحية تشغيلها وصيانتها والاهتمام بشؤونها ومن يقوم عليها، الترشيد يكون بتحويل التبرعات المالية والعينية كالأراضي إلى مايخدم الإنسان فالعبادة الحقيقية السليمة لاتحتاج لدارِ مخصصة بل تحتاج لقلبِ سليم وسلوك ملتزم بالتعاليم في تعاملاته وشؤونه اليومية، الذي يخدم الإنسان المراكز البحثية وانظار العالم تتجه اليوم للمراكز البحثية لعل وعسى يُعلن عن لقاحِ يقضي على فيروس كورونا وينهي حالة الترقب والخوف من القادم المجهول فكورونا عطل الحياة وأصاب كل شيء بالشلل، وليست المراكز البحثية وحدها من يخدم الإنسان فهناك المستشفيات التي لم تعد قادرة على احتضان المصابين بفيروس كورونا فالمنظومة الصحية بالعالم المتقدم انهارت في غضون ايامِ قليلة والعلة كثرة المصابين وقلة الأجهزة الطبية وهذه معادلة صعبة الحل في عالمنا الذي هزمه فيروس لا يُرى بالعين المجردة.

لو وضعنا قائمة بما يحتاجه الإنسان ويحقق سعادته وخدمته لتوصلنا لنتيجة أن مايهم الإنسان هو صحته وقوت يومه ومستقبل أسرته وكيفية حصوله على مسكنِ يأويه هذا ما يهم الإنسان منذ خلقته وبما أننا في حجرِ منزلي دعونا نفكر فيما ينقص مجتمعاتنا لو أن المتبرعين حولوا بوصلة التبرع من إنشاء أو ترميم دار عبادة إلى ماهو أهم وفق مبدأ قول الله تعالى (إني جاعلُ في الأرضِ خليفة) فالخليفة مناط به عمارة الأرض وتحقيق السلام والعيش بلا نصبِ أو تعب فماذا عساكم تجدون بقوائمكم من أولوياتِ يحتاجها الإنسان !
.