أكثر من 6500 ألف متطوعٍ تحت مظلة الأمم المتحدة في أنحاء العالم يقومون بأدوار إنسانية سيصفق لها التاريخ البشري ، حيث يقوم أكثر من 12,000ألف من متطوعي الأمم المتحدة عبر الانترنت بأكثر من 20 ألف مهمة ولاشك أنها تتنامى في هذه الظروف العصيبة والتي يجتاح فيها العالم فيروس كورونا (COVID-19) CORONAVIRUS حيث تبرز جهود المنظمات الدولية والأفراد في التطوع لمكافحة هذا الوباء العالمي ، والتطوع هو الابن الشرعي للأزمات والكوارث ، وفي المملكة العربية السعودية ثمة مواكبة احترافية لمفهوم التطوع فكرا وتطبيقاً عبر المؤسسات الحكومية التي أكدتها رؤية 2030 حيث تطمح رؤية المملكة إلى رفع نسبة المتطوعين إلى مليون متطوع ترعاهم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والتي بدورها أطلقت حملة تطوعية صحية بعنوان “مجتمع واعي” ضمن سلسلة مبادرات “وطن العطاء”، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة، والهيئة العامة للأوقاف، ومجلس الجمعيات الأهلية، وعدد من الجمعيات الصحية حيث تنفذ هذه الحملة في كافة مناطق المملكة، بهدف توعية المجتمع والحد من انتشار فيروس كورونا.

وفي ذات السياق استقطبت وزارة الصحة أكثر من 78 ألف متطوع ومتطوعة لمبادرة ” الممارس الصحي مستعد” ، وتسعى الوزارة لتأهيلهم وتدريبهم للاستفادة من خدماتهم عند الحاجة ، كما شارك مركز التطوع الصحي في مبادرة ” مجتمع واعي” لتفعيل التطوع الميداني بالتعاون مع الإدارة العامة للتطوع بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومجلس الجمعيات الأهلية، وبتنفيذ من الجمعيات الصحية المتخصصة، مثل “جمعية التطوع الصحية أثر”. ، وفي وزارة الإعلام أطلق مركز التواصل الحكومي مبادرة الهوية البصرية تحت عنوان ” كلنا مسؤول” لتوحيد الرسالة الإعلامية للمجتمع بمؤسساته المختلفة وهذه المبادرات التطوعية لوزارتي الصحة والإعلام تصب في جانب التوعية والتثقيف المجتمعي الصحي ،ويندرج تحت هذا المفهوم أيضاً ما أعلنته المنصة الوطنية للتدريب الالكتروني ” دروب” التابعة لصندوق تنمية الموارد البشرية “هدف” عن تقديم دورات تدريبية تفاعلية للتعريف بطرق مكافحة جائحة كورونا .

أما على صعيد التنمية المهنية وتطوير الذات ورفع مستوى الأداء التعليمي فقد تعاملت وزارة التعليم بمهنية وإنسانية عالية عن طريق فتح باب التطوع ، وقد بادرت بعض الجامعات بإصدار أدلة للتطوع حددت فيها الأدوار المنتظرة لشباب وشابات الوطن لمواجهة هذه الجائحة كما واصلت الجامعات ومراكز التدريب في بعض إدارات التعليم تقديم دورات تأهيلية ولقاءات متنوعة مجانية لمنسوبيها لتوحيد الجهود الوطنية في هذه الظروف الاستثنائية ، وعلى صعيد المبادرات الخدمية والتسهيلات والإعانات ففي 19 مارس أطلقت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مبادرة ” كلنا عطاء” ، والتي تقدم للطلاب ذوي الدخل المحدود لإكمال تعليمهم عن بعد .

كما أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي عن تأجيل البنوك المحلية السعودية أقساط ثلاثة أشهر للعاملين في المجال الصحي ، ويستمر الحديث المبهج عن الجهود التطوعية التي تقوم بها الشركات في القطاع الخاص ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية بشكل لا يمكن حصره سواء على شكل مبادرات تطوعية أو تطوع فردي لتقديم مساعدات معينة ، كما لا ننكر مبادرات إمارات المناطق التطوعية وجهودها في تقديم دعم ومساندة للجهود الحكومية المنفذة ، والحقيقة أن هذه الجهود تعكس مستوى الرقي الحضاري الذي تتمتع به بلادنا على مستوى الحكومة والأفراد كذلك .

حيث تعاملت بلادنا مع الأزمة باحترافية تجاوزت كثيراً من بلدان العالم المتقدم ، مما يعكس فاعلية الأجهزة الحكومية في بلادنا في تطبيق مفهوم إدارة الأزمات والتخطيط للطوارئ وبالنظر إلى الخدمات العالية التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده لرعاياها في مختلف البلدان فإنه يحق لنا أن نفخر ونفاخر بهذه الجهود الرائعة ، والتي تتكئ بلا شك على إرث إسلامي يميز بلادنا عن بقية بلدان العالم ، حيث يقول الله تعالى ” ومن تطوع خيراً فهو خير له” .

وقد ضرب رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام أروع الأمثلة في التطوع أثناء الهجرة الشريفة من مكة إلى المدينة ، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول “من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان له فضل من زاد ، فليعد به على من لا زاد له “، ونحن على خطاهم سائرون ـ إن شاء الله تعالى ـ بجهود الجميع ، وتذكروا دائماً أن التطوع سمة المجتمعات المتحضرة ، فلنبادر للتطوع بأشكاله المختلفة .