كان للمبدعين سلوك مغاير تماماً في التعامل مع جائحة كورونا وذلك ليس بمستنكر على اولئك الذين اداروا الأنظار إليهم من جميع ارجاء العالم عبر العصور عندما فاجئوهم بأفكار جديدة تفاعلية لم يسبق عليها أحد، ذلك نتيجة استجابة عقولهم الفاعلة للخروج مع منعطفات المسارات الفكرية والتي عادة ما تولد افكاراً بحلة جديدة،

في حين أن الجميع يسلك المسار المألوف؛ وهاهم الآن يفاجئون العالم مرة أخرى بإطلالة إبداعية من نوافذهم الحصرية ليحدثونا عن الإبداع من قلب التحديات فبينما كان الغالبية يبحث عن حلول حياتية لمجاراة هذه الجائحة وفق معطيات البيئة نجد أن المبدعين قد انطلقوا للتكيف مع هذا الحدث بهويتهم المختلفة الخارجة عن المألوف مع التزامهم المطلق بحقوق المرحلة ؛

أطلق المدير المشارك لمنصة التصوير الفوتوغرافي “Public Source”، جيمس ريجلى، موقعاً على الإنترنت يُدعى “أرشيف كوفيد-19” (Covid-19 Archive)، بالتعاون مع جوناثان توملينسون، وهما مقيمان في شمال إنجلترا، لبناء أرشيفاً رقمياً من صور تتعلق بالحياة أثناء فترة تفشّى فيروس كورونا،

الأمر الذي استفاد منه أكثر من 30 مصورا حول العالم اوشكت عدساتهم ان تخضع للحجر المنزلي اسوة بأصحابها فجاءت فكرة ريجلى الإبداعية لتمكنهم من ممارسة أعمالهم وتوثيق الأحداث التي عزلتهم عن مباشرتها محظورات هذه الجائحة؛

وكان لكل مصور منهم تجربته الخاصة واسلوبه المختلف في التقاط الصور الأهم لهذا الحدث والتي تتمحور معظمها في الروابط البشرية؛ وقال ريجلى في مقابلة عبر الهاتف: “هذا أكبر أمر يحدث في جيلنا”، لذلك انطلق بفكره الإبداعي لتحويل هذا التحدي إلى فرصة يجمع فيها بين معالجة الواقع وتهيأت المستقبل بأرشيف الحدث كوفيد-19 .

ومن زاوية أخرى كشفت عدسة الإبداع عن تجليات الفن التشكيلي في مواجهة جائحة كورونا حيث تداعت ريش الرسامين الإبداعيين لتعريف العالم بقدرتها الفنية على هزم ذلك الفيروس الممقوت بلغة الألوان الخلابة واستثمارها كوسيلة من وسائل الاعلام الذي يعد في مقدمة صفوف حرب كورونا لبناء حصن منيع ضد الشائعات التي تبلغ منتهاها عادة في أوقات الازمات فاندفعت بأقصى ابداعها لبث روح الطمأنينة في الفرد والمجتمع وتأطير هذا الفيروس في صوره الحقيقية التي تعكس انهزاميته أمام الفكر الواعي الملتزم بمحظورات الجائحة.

هذه بعض النماذج التي تظهر على المستويات المحلية؛ وتحت عدسة الإبداع الماسحة شاهدنا الإبداع التكنولوجي على المستوى العالمي ففي كثير من انحاء العالم انطلقت الأفكار الإبداعية لاستثمار التكنولوجيا لمساندة فرق العمل في انجاز ادوارهم الأكثر خطورة خلال هذه الفترة العصيبة وذلك من خلال إطلاق الروبوتات الطبية والأمنية والتوعوية لتلافي انتشار الفيروس عبر الأشخاص قدر الإمكان؛ ناهيك عن ابداع شبكات التجمعات الافتراضية التي كانت الحل الأمثل للتواصل وتبادل المصالح بموازين معتدلة تضمن استمرار الحياة.

مسك الختام:
قد يكون تبادر إلى اذهاننا أن جائحة كورونا ستعيق عجلة الحياة لكن عدسة الإبداع كشفت لنا بالفعل أن المبدعون هم الأداة الفاعلة لدفع عجلة التقدم الحضاري لأسمى مبتغاه رغم كورونا.