كنت مرة مع جدتي أتحدث عن ذكريات الزمن القديم، وإذ بها تتحدث عن حقبة يكاد يعقلها كل كبار السن في الوطن العربي حول تفشي مرض الحمى والجدري، وفي حديثها أثارت قضية التعامل مع المرض وعن وسائل عزل المصابين والابتعاد عنهم حتى لا تصيبهم العدوى ..حينها وأنا أنصت لها باهتمام أدركت خطورة الوضع والموقف، وها نحن اليوم كأنما نعيش نفس اللحظات لكن بوضع أخطر وأشمل بسبب طريقة الحياة والعيش ومفهوم العولمة التي جعلت من العالم أصغر من القرية، مما أتاح لمخلوق ضئيل لا يرى إلا بمجهر متخصص سهولة التسلل وتهديد العالم واعتباره عدوا عالميا وكأننا في أجواء الحروب مما سبب نزيفاً اقتصاديا واضحا أثره وعزلة اجتماعية.
إلا أنه على الرغم من خطورة الموقف تصلني عدة مقاطع وأخبار عن محاولات الدول بالحد من التجمعات ولكن يبدو أن البعض ما يزال مصرا على أن (الأمور طيبة) ولديه عقلية اللامبالاة وعدم الاكتراث وحس استشعار خطورة الموقف مما اضطرت بعض الدول لاتخاذ تدابير وقائية قاسية من إقرارٍ لحظر التجول وإغلاق المدن لدرء هذه التصرفات غير المسؤولة التي لها نتائج وخيمة حمايةً لأمنها القومي من خطر مؤكد عابر للقارات. الاستهتار واللامبالاة هما السببان الرئيسيان في تفشي الوباء في إيطاليا وأوروبا، الفيروس لديه تحورات وسرعة انتشار رهيبة وهي ليست بمنأى عن إصابته للأطفال كما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية، قد تكون مناعتك قوية لكن أصابع يدك ليست متشابهة فقد تصيب والدك أو أي أحد من محيطك من كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة، تذكر أن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات والكوادر الطبية محدودة قد لا تحتمل العناية بالجميع هنا ندرك لماذا نسمع تكرار عبارة (إلزموا بيوتكم)!
إذن فلنلزم بيوتنا حتى تنجلي هذه الغمة ونكون عوناً لأوطاننا ومقاتلي الصف الأول من الأطباء والمرابطين الأمنيين والعسكريين والفنيين نمد لهم العون بالدعاء والاستغفار، وهذا الوباء وإن طال أمده إلا لابد من نهاية له ككثير من الأوبئة السابقة وسوف نحكيه لأحفادنا وكيف ساهمنا في دحضه بالسمع والطاعة والاحتراز والمسؤولية المشتركة مع الدولة.